كتب:حازم حسين
يحث خبراء التنمية البشرية دوما في كل دوراتهم على أهمية التخطيط لأي عمل ننوي القيام به وذلك لتحقيق اعلى نسبة من النجاح، الا ان سفاري العيص خالف تلك الرؤية ، فلم يكن لشباب ينبع والمرشدين السياحيين بمنطقة المدينة المنورة تخطيط مسبق لذلك السفاري بل كان وليد تلك اللحظة بتلك الليلة التي سبقت نهار الجمعة في آخر ايام العام الماضي 1439 هـ وجاء رائعا نجاحا بكل المقاييس.
تشاورنا برسائل عبر الواتس آب نتحدث عن سفاري طال انتظاره وشغف يداعب أفكارنا بين الفينة والأخرى ونحن قد عزمنا على تلك الرحلة دون تحديد اطار زماني لها ، انطلقنا برسائل وحددنا الوقت قبيل ساعات معدودة من تلك الرحلة الممتعة التي لا أظن انها ستمحى من الذاكرة بل ستبقى محفورة في جدارها ولن تمحوها أي عوامل للتعرية لجمال ذلك السفاري.
طلال العلوني المرشد السياحي بينبع مع فهد الرفاعي نظيره بينبع النخل كانت بداية السفاري فانطلقنا من ينبع البحر بصحبة الصديقين فواز وعبدالعزيز المطيري واللذين يتمتعا بشغف السفر والترحال والاستكشاف لكل آثار وسياحة ، تحرك وفد البداية بالأربعة لنقف عند أولى المحطات بينبع التاريخ والاثار والحضارة ..ينبع النخل.
استقبلنا هناك ابوزياد بأجمل وألذ الوجبات الشعبية القديمة وهي “القرص” الذي يحضر من الدقيق والسمن مع أكواب اللبن الرائب وتحت أشعة الشمس التي خففها سعف النخيل الذي يظلل المزرعة ، في ذلك النهار لم يكن الطقس مبشرا بشيء من المتعة لأرتفاع درجات الحرارة قليلا.
وبعد تلك الوجبة التراثية المذهلة أخذنا ابوزياد صوب عين الجابرية ، في جولة للتعرف على شيء من اثار ومعالم تلك المدينة العتيقة ، فأخذنا في سياحة تاريخية عن عين الجابرية اهم عيون ينبع النخل والذي يطل عليها قرية الخيف وقال ان العين والتي عادت بعد انقطاع دام أكثر من 30 عاماً بعد عودة عين الفجة وعين خيف فاضل وعين عجلان وعين علي الحربية ، حيث ان كل قرية بينبع النخل بها عين وتصل الى 99 عين تقريبا جف الكثير منها لعقود وبدأت الحياة فيها تعود مرة أخرى في بعضها.
وأشار ابوزياد الى ان عين الجابرية كانت تسقي الكثير من المساحات الزراعية التي كانت تتنج العديد من الخضر والفاكهة التي كانت تزرع آنذاك ،وكان سوق الجابرية احد اشهر الاسواق القديمة بينبع النخل ويعرف سوق الجابرية للقرى المجاورة بيوم الجمعة حيث كان يقصده الزبائن والتجار للتزود منه أو البيع فيه ، وأضاف ان ينبع النخل تحظى بزيارات من قبل السياح الذين يقصدونها للتعرف على تاريخها ومعالمها الا انها ليست بذلك العدد المطلوب الامر الذي يدفعنا لمزيد من التسويق والترويج لينبع النخل والعمل على تهيئة المواقع السياحية بها وجذب السياح اليها للتعرف على تاريخها العتيق الغني بالكثير من المآثر والمعالم في التاريخ الاسلامي.
الجميل في الرحلة انها لم تكن بربان واحد بل تعدد ربانها وليس كما السفينة ، حيث كانت لمعلومات المتدفقة من المرشدين مذهلة فبعد ان توقف ابوزياد للحظات انطلق بنا طلال العلوني ليستكمل شيئا من تاريخ ينبع النخل وقال ونحن على مشارف السويق بعد ان تخطينا الجابريه ومررنا بقلعة السويق وسوق السويق الذي يقام كل اثنين ويعتبر من الأسواق القديمه في الجزيرة العربية وشاهدنا آثار القلعة و السور الذي كان يحيط بالمدينة ويحميها قديما .
بعد تلك اللمحة الأثرية العابرة بينبع النخل انطلقنا وبمعيتنا فهد الرفاعي قاصدين محافظة العيص لينضم الينا المرشد السياحي غازي سعد الجهني وليكتمل عقد المرشدين بمسلم عواد العنيني المتخصص في معالم العيص وآثارها لاستكمال السفاري بالعيص وما حولها من القرى والآثار والمعالم كمنطقة الفرع الزراعية التي تحتضن العديد من المزارع التي تؤهلها لتكون نموذجا مميزا للسياحة الريفية لكثرة المزارع وكثرتها ، وغيرها من المواقع الاثرية كقصر البنت ومسجد السوانيس وبئر هداج والتي سنفردها في الجزء الثاني من سفاري العيص.
في التقرير القادم.. يسرد لنا المرشد السياحي مسلم عواد العنيني حكايات قصر البنت وسبب تسميته بذلك .