تقرير:حمد الواصل/
تقع مدينة جبة شمال مدينة حائل ١٠٠كم و تتوسط صحراء النفود الكبير بموقع جغرافي متميز .
المنطقة عبارة عن أرض لبحيرة قديمة تحيط بها كثبان النفود الكبير، وتعلوها من الغرب والجنوب جبال رسوبية تتمثل بأم سنمان وغوطا وشويحط والغراء وعنيزة والمرابيب،
معظم سكان مدينة جبة من الرمالات من شمر وتوجد بعض العوائل الأخرى. ويبلغ تعداد سكانها أكثر من ٢٠٠٠٠ نسمة.
تشتهر مدينة جبة كبقية مناطق شمر بالكرم وحسن الضيافة وبيوتهم مفتوحة للضيف و عابر السبيل تجد المضافات مجهزة يوميا والقهوة والشاي على النار فهم أهل الوالمة تأسيا بدغيم الظلماوي حيث يقول
ياكليب شب النار ياكليب شبه
عليك شبه والحطب لك يجابي
وأنا علي يا كليب هيله وحبه
وعليك تقليط الدلال العذابي
الوالمه يا كليب عجل بصبه
والرزق عند اللي ينشي السحابي.
من أهم المعالم التي تميز جبة كموقع سياحي توسطها رمال عالج الاسم القديم لنفود الكبير كما تتميز بوجود جبال رسوبية عالية مكنت الإنسان القديم من نزولها وسكنها والاحتماء بها. وقام بتسجيل نقوش عليها تعد من أقدم الحضارات داخل الجزيرة العربية.
كما أكسبتها هذه الجبال تميزا جماليا بتداخل ألوان الرمال الذهبية بالجبال الرسوبية ذات الألوان المتدرجة بين البني والأسود حسب تركز أكاسيد الحديد والمعادن الكامنة فيها.
الحديث التاريخي عن مدينة جبة يطول ويتفرع لعدة عصور ولكن تجدر الإشارة إلى أن رمال النفود الكبير تعتبر حديثة النشأة بعد إنحسار المياه إلى بحيرة جبة بطول ١٣ كم وبقي الإنسان القديم منذ ١٢٠٠٠ سنة حول البحيرة يرصد الصيد ويعتاش عليه ويرسم مغامراته ومشاهداته حول حياته اليومية والدينية بنقوش فريدة ودقة متناهية حفظها الزمن لهذا اليوم شاهدا على حضارة عريقة. أبرز ها نقش الملكة والإنسان القديم بالرأس المميز على شكل مطرقة أو طائر وكذلك الأبقار الضخمة ذات القرون الكبيرة والتي انقرض جنسها وكذلك الأغنام الضخمة المنقرضة وكذلك الحيوانات المفترسة كالنمر المخطط.
تميزت جبال منطقة جبة بكثرة النقوش والتتابع التاريخي لحضارات متعاقبة حتى بلغ عدد النقوش أكثر من خمسة آلاف نقش تحكي تراث وأصالة المنطقة.
أبرزها بداية التصحر وجفاف البحيرة ووجود الرجل العربي الأول الثمودي
والذي عاش في الفترة من ٥٠٠٠ سنة ومابعدها والذي تميز بالكتابة بالأبجدية العربية الثمودية ونقوش الإبل والتي تدل على استئناسها والسيطرة عليها وتملكها. كذلك يحكي لنا الثروة الحيوانية المتواجدة في عصره كبقر الوحش المها والنعام والوعول والغزلان والأسود والذئاب والخيل .
تميزت الفترة والمنطقة بنقش فريد للعربة وأن العرب هم من سبق لاستخدامها وصناعتها وهذا يعتبر سبق حضاري فريد. كما يوحي الرسم المسطح للعربة بفن متقدم سبقت به المنطقة الأمم الأخرى. ومن المميز في النقوش الثمودية بروز العنصر النسائي بالنقش رسما وكتابة حيث وجدت كتابات نسائية تظهر حبها ومودتها لأشخاص أو تملكها لحيوانات معينة.
مما يميز المنطقة وجود النقش الإسلامي المتقدم بكتابة عربية مدنية حجازية كوفية بلا نقط.
وفي العصر الحديث كانت جبة مركزا أساسيا ومحطة مهمة لعبور النفود الكبير إلى بلاد الشام وفلسطين ومصر حيث زارها المستشرقون أمثال هوبر وأوتنق والليدي آن بلنت ومحمد أسد وفلبي ودونو ملاحظاتهم وقرائاتهم للنقوش.
تتميز مدينة جبة بأنها واحدة من المواقع السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي باليونسكو منذ عام 2015م ووجود مكتب تابع لهيئة السياحة والآثارمكتب الآثار بجُبَّة
وقد أعدت المنطقة للزائرين بوضع المساطب والدرج ورصفت الممرات بطريقة تراثية جميلة.
يوجد اهتمام خاص لدى أهل جبة بالتراث ومقتنياته فأنشأو المتاحف الخاصة جمعو فيها تراث المنطقة وتاريخها مثل :-
متحف قصر النايف التراثي
متحف ناصر الثويني جبة
توجد آبار أزلية قديمة جدا داخل جبة استخدمت في الزراعة القديمة وأصبحت تراثا يقام عليها السواني اليوم بطرق الري القديمة على الإبل.
من الممكن استغلال الكثبان الرملية القريبة بإقامة مهرجانات رياضية فريدة كالتزلج على الرمال والراليات ومسابقات تطعيس واختبار قوة للدفع الرباعي.
هذا ما أسعفني به جهدي ومطالعاتي في مدينة جبة التاريخية العريقة.