الفقرة:جمال السعدي/
لطالما سمعت أحاديث الناس حول المنطقة الجبلية التي تدعى “جبال الفقرة” في منطقة المدينة المنورة و هيجت الخاطر آيات التغني بجمالها، و استدعت عن بعد الإعجاب بأجوائها الساحرة اللطيفة صيفا، فتاقت النفس لزيارتها ، والتعرف عن قرب على ما تتمتع به من جماليات وردت في روايات أهل المدينة عنها ، فحملني الشوق لزيارتها مع أفراد أسرتي مؤخرا وأحببت أن أنقل أصداء هذه الزيارة لكم .
وجدتها منطقة بكر هادئة وادعة تستشعر فيها براحة وانتعاش ، ها هي تستقبل زوارها بقلب مفتوح بترحاب أهلها حيث يسكنها الأحامدة من بني قبيلة حرب أشهر قبائل المدينة المنورة ، فهم أهل كرم وضيافة وحسن وفادة .
المطلات على الوادي مسيجة والعائلات تأتي جماعات جماعات تفترش المساحات الخالية مصطحبة معها لوازم الرحلات من المفارش والطعام والشراب … والأطفال يمرحون ويستمتعون بالأجواء الرائقة .
فمع انتشار وباء كورونا و توقف الرحلات الخارجية، اتجه الكثير من سكان المملكة في عدد من المناطق لاكتشاف ما تتمتع به مناطقهم من مزايا و مقدرات و إمكانيات سياحية ، فشهدت بذات الوقت جبال الفقرة حركة دؤوبة خلال الأيام الماضية ، واتجه الكثير من أهالي منطقة المدينة إليها خاصة مع سقوط الأمطار رغم أنا في فصل الصيف .
فمنطقة ” جبال الفقرة” عبارة عن سلسلة من الجبال المتصلة تشبه بالعمود الفقري ويقال أن اسمها جاء من هنا . و تقع غرب المدينة المنورة، وتبعد عنها نحو 80 كلم ، و يتبعها العديد من القرى والهجر ، و تعد جبال الفقرة متنزهاً طبيعياً يجتذب العائلات للاستمتاع بأجوائها المعتدلة اللطيفة صيفا، والباردة و الماطرة شتاء كما تشهد تساقط الثلوج التي تكللها بالبياض ، فيتجه معظم السكان فيها لمغادرتها بفصل الشتاء نحو المدينة ، فجبالها ترتفع مابين ١٨٠٠ م -١٩٠٠م عن سطح البحر ، وهي عديدة منها جبل الخاطر و النوايل و جبل الغرا ، من أشهر جبالها جبلي الأشعر و تغطيه اشجار العرعر والعتم ، و جبل الأجرد لقلة الأشجار وانعدام النبات فيه ، و تحلو مراقبة الغروب من على مرتفعاتها وهي تدنو من الوادي عبر عدة إطلالات تشرف عليه من عدة زوايا ، والطريق إليها ممهدة تستمتع خلالها بمشاهدة تشكيلات الصخور والجبال، و تستمتع بنسمات الهواء العليل ،انطلاقا من الأرض المنبسطة ،حتى بداية ارتقاء الجبال بانسيابية مبهجة وصولا للقمة ، كما أن لها عدة طرق جبلية ترابية.
و تعد أراضيها من الأراضي الخصبة مما كان يحقق لها اكتفاء غذائي ذاتي. حيث تنتشر فيها البساتين و تتنوع المزروعات فيها كزراعة أصناف من التمور مثل الكعيك أو الجبيلي بالإضافة إلى الحبوب وبعض الثمار مثل البرتقال والرمّان والتين وغيرها .
و يتوارث أهالي المنطقة إنتاج أجود أنواع العسل الجبلي الطبيعي منذ القدم حيث تنتج المنطقة أغلى أنواعه .
لذا تعد “الفقرة” فرصة مؤاتية للاستثمار فيها مع ضرورة المحافظة على بيئتها النقية كمتنفس لأهالي المدينة المنورة وزوارها ، مع أهمية توفير المرافق والخدمات التي يحتاج لها الزوار ، وستكون المنطقة مؤهلة لتنمية السياحة في المنطقة و خدمة سكّانها و القرى والهجر التابعة لها . وإضافة نوعية قيمة للوجهات السياحية بمنطقة المدينة المنورة خاصة و بالمملكة عامة .