التأمل
مجرد النطق بهذه الكلمة يفتح الآفاق على معنيين كبيرين.
فمتأمل في الكون يسرح بخياله ويفقد الإحساس بجسده، حتى يظن بأنه ريشة تهدهدها الرياح، من يراه جالسًا أمام البحر أو على أريكة في مقهى أو مستلقٍ على الحشائش الندية ، يظن أن به مس ، أو أنه ثملٌ فيزدريه، وخير الناس من يظنه فاقدًا وعيه لعلة به ، قلة من الناس فقط تراه محظوظًا فقد استطاع تجاوز العالم المادي واخترقه إلى حيث تحلق الأرواح خفيفة شفافة، فامتلأ نشوة وسعادة ، وهي مايطلبه الجميع، فهو إذًا لايحتاج لمجهود آخر.
و متأمل في أمر يود حدوثه ، فهو يلهج به صباح مساء، ويتخيل حدوثه ويطرب له ، حين يتراءي منظره الباسم لمارٍ به، يدعو له بالعافية، فهو مشرعٌ عينيه ولايري بهما، وواضع رأسه على كفيه ولا يكاد يشعر بهما، و مبتسم لمرأى أمله يتبختر أمامه، وماهي إلا دقائق حتى ينتبه ويضم شفتيه المنفرجتين ويعيد البصر لعينيه، ثم ينخرط في عمله الذي شرع به قبل خيالات الأمل التي داهمته، ولا يلبث إلا قليلًا ليعود لرسم مايتمناه ربما على ورقة، أو في سجل هاتفه ، أوفى أحلامه، أو حتى ليهذي به مع أقرب الناس إليه.
وكلاهما متأمل، ذلك الذي يرحل بفكره خلف الكون طواعية لايريد إلا أن يكون خفيفًا شفافًا، يشحن قلبه بالقدر الكافي من السعادة ، والآخر الذي يريد لأمرٍ ما أن يحدث وبسرعة.
كلاهما إنسان مختلف، لكن لو اجتمعا في إنسان واحد لتحقق المطلوب.
مقالات عامة > الكاتبة ليلى الأحمدي تكتب : ” التأمل “
2020/12/04 11:05 م
الكاتبة ليلى الأحمدي تكتب : ” التأمل “
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://soyaah.com/23421/