حظيت بلقاء ماتع مع نخبة من مثقفي محافظة الأحساء ومرشديها السياحيين، خلال محاضرتي التي ألقيتها يوم الخميس 25 ابريل 2024، واستمتعت بمداخلات وأسئلة كشفت لي عن وعي وحرص على الاستزادة بالمعرفة عن تاريخ مباني التراث العمراني المرتبطة بالتاريخ الوطني السعودي. في المقابل، ظهر لي ما بدى أنه تشوش معرفي عند البعض وشكوى من عدم توفر معلومات مرجعية موثوقة علمياً.
رأيي إن المداخلات التي استمعتها كشفت لي عن الحاجة لتَبني مشروع تأليف وإصدار سلسلة كتب مرجعية عن تراث الأحساء، تخدم المرشدين السياحيين ومنتجي البرامج الوثائقية والمسلسلات والبرامج الكرتونية الرقمية (منتجات الصناعات الإبداعية)، ولعل المبادرة التي قدمتها في عام 2009 تصلح نواة لإطلاق مشروع تأليف موسوعة في 13 مجلد، عن آثار محافظة الأحساء وتراثها الحضاري، وهي مبادرة لحزمة مبادرات غير ربحية قُدمت لمركز البحوث والدراسات بجامعة الملك فيصل، وأشرف عليها الدكتور مهنا بن عبدالله الدلامي، رئيس جامعة الملك فيصل المكلف.
ورأيي أن ما يُنشر في تويتر X يعرض أجزاءً مقتطعة لأدلة أثرية وشواهد تاريخية، لا تفي التعريف بتراثنا الوطني؛ وربما التبس على غير المتخصص دعاوى معلومات مغلوطة وأوهام تاريخية. ومن ذلك وجود خلط وتداخل بين تاريخ قصور دول حكمت الأحساء فتوهم البعض أن قصر صاهود، من قلاع إمارة بني خالد التي بنيت بين عام 1080 – 1207هـ
وخُلاصة نتائج دراساتي الأثرية الميدانية أن قصر صاهود وقصر خزام يمثلان أيقونة سلسلة تحصينات الدولة السعودية الأولى، شُيدا في عام 1210هـ. وظهر لي أن قصر خزام بناه الأمير ابراهيم بن سليمان بن عفيصان العائذي القحطاني 1211-1219هـ، وسمي القصر خزاماً تعبيراً عن أنه حصن استراتيجي يمسك بمداخل وثغور الأحساء، واستعير اسمه من حلقة الحديد التي تشد في أنف الناقة ويُتحكم في قيادتها، ولم يُنسب القصر لابن عفيصان جرياً على عادة الأئمة بتسمية منشآت الدولة برموز القوة والمنعة. وجدير بالذكر انجزت عن قصر خزام في عام 2009 دراسة مشتركة مع الأستاذ الدكتور خليل بن ابراهيم البراهيم، رئيس جامعة حائل الأسبق، بعنوان: دراسة توثيقية لقصر خزام في مدينة الهفوف بمحافظة الأحساء، مرفق صورة غلافها أدناه، احتوت معلومات ثمينة عن تاريخ عمارة قصر خزام.
في المقابل، سجل مؤرخون معاصرون لأحداث الدولة السعودية الأولى معلومات نصت بالاسم على أن قصر صاهود، بناه الأمير سليمان بن ماجد الناصري التميمي. في حين أن مسمى القصر ليس منسوباً لشخص اسمه صاهود، وأيضاً ليس منسوباً لمدفع ضخم، والمؤكد عندي أن اسم القصر اشتق من كلمة صْهَدِه، وهي مفردة تصف متانة تحصينات القصر ومنعته، وتكسر قوى الجيوش الغازية تحت أسواره.