سياح:وام
أكدت الشواهد الأثرية أن أرض الإمارات وحضارتها عريقة ومتجذرة منذ فجر التاريخ وأن لها حضورها التاريخي منذ أقدم العصور وهي زاخرة بالسكان والاستيطان البشري عبر العصور المختلفة.
وأولت دولة الامارات التنقيب عن الآثار والحفاظ عليها أهمية خاصة وعناية متميزة لما لذلك من شأن ودور أساسي في النهوض بالأمم فهي تمتلك مئات المواقع والمباني الأثرية في مختلف أنحاء الدولة التي تؤكد أن الأجداد تركوا لنا الكثير من الأثار التي يحق لنا ان نفخر بها ونحافظ عليها، لتكون قرائن تربط الأجيال الحاضرة والقادمة بتاريخ هذا الوطن الذي يمتد لآلاف السنين.
وموقع “الدور” الأثري واحد من أهم المواقع الأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص ومنطقة الخليج العربي بشكل عام، وذلك لتعدد فترات الاستيطان البشري في الموقع والتي يعود أقدمها للألف الثالث قبل الميلاد واستمرت حتى منتصف القرن الثالث الميلادي.
وتعتبر الفترة ما بين القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي، فترة الاستيطان الرئيسة في الموقع ، حيث شكل الموقع خلال هذه الفترة ميناء على طريق التجارة البحرية ما بين الشرق والغرب، وحلقة وصل ما بين البحر من جهة وبين المناطق الداخلية.
وتقع منطقة “الدور” الأثرية في امارة أم القيوين على الطريق الذي يربط بين إمارة رأس الخيمة من جهة وإمارتي الشارقة ودبي من جهة أخرى ، وعلى بعد 120 كيلو مترا من مضيق هرمز ويطل على بحيرة خور البيضاء، ويرتفع عن سطح البحر من 7 إلى 9 أمتار وتبلغ مساحته ما بين 3 و4 كيلو مترات مربعة وتغطي الكثبان الرملية المتوسطة معظم أجزائه التي تنتشر فوقها أشجار ألغاف والسنم، و قد تم اكتشاف الموقع في عام 1973 ميلادي.
ويضم موقع الدور العديد من العناصر المعمارية المشيدة من الحجر البحري وأهمها معبد الدور ” معبد إله الشمس ” الذي اكتشف بواسطة البعثة البلجيكية في عام 1987 م وهو يقع في حوض تحيط به كثبان رملية خصوصا من الناحيتين الشرقية والجنوبية، .. ويعد معبد الدور الذي تم ترميمه مؤخرا من اهم المعالم الاثرية وهو المعبد الوحيد الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي.
ويميز المعبد شكله شبه المربع ، وله مدخلان الأكبر يقع في جهة الشرق وعلى جانبيه توجد مصطبتين ربما كان يوضع عليهما تمثالي نسر عثر عليهما في الموقع ، والباب الآخر يقع في جهة الغرب, وقد كسيت جدرانه الخارجية بالجص وأحاطت بمداخله الزخارف الهندسية ، وقد وجدت كتله الحجارة الضخمة في وسط المبنى ويرجح أنها جاءت أصلا من احد مدافن حقبه أم النار فقد وصفت بأنها مذبح في حين تنتصب خارج المبنى ثلاثة مذابح أخرى مبنية من صخور شاطئية أصغر حجما متوفرة محليا.
ووصف بأنه معبد الإله السامي “شمش” استنادا من الحوض المكتشف فيه والنقش الذي عليه اسم شمش باللغة الآرامية، ومن اهم المكتشفات التي عثر عليها داخل المعبد مصباح برونزي وعدد من المباخر الفخارية مختلفة الأشكال والأحجام بالقرب من موقع المعبد.
وتعرض الموقع خلال السنوات الماضية لتآكل وانهيار بعض أجزائه الأمر الذي تطلب تدخلا سريعا للحفاظ عليه.
وحول ترميم معبد “الدور” قالت علياء محمد راشد الغـفلي مديرة دائرة الآثار والتراث بأم القيوين أن الدائرة قامت بالتعاون مع المجلس الوطني للسياحة والآثار ووزارة تطوير البنية التحتية والمركز الإقليمي للحفاظ على الممتلكات الثقافية في الدول العربية “مركز الآيكروم” في الشارقة بأعمال ترميم وتقوية المعبد والمذابح ومنع ضياع معالمه.. مؤكدة أن معبد الدور هو أحد أهم المعالم الأثرية في منطقة الخليج العربي ودولة الإمارات بشكل خاص، لكونه المعبد الوحيد الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي.. مشيرة إلى أن الموقع تعرض، خلال السنوات الماضية، لتآكل وانهيار بعض أجزائه، الأمر الذي تطلب تدخلا سريعا للحفاظ عليه.
وأوضحت أن أعمال الترميم ساهمت في اعادة المعبد والمذابح المجاورة له إلى الحالة التي كانوا عليها حين الاكتشاف في ثمانيات القرن العشرين، وذلك بالاعتماد على الوثائق التاريخية والاختبارات العلمية والحقلية بما يتوافق مع النواظم الدولية لحفظ التراث، حيث قام عدد من الخبراء من إيطاليا وبعض الدول العربية بإجراء أعمال ترميم للمعبد وفق المعايير المعتمدة دوليا.
وأضافت إنه بعد نجاح حفظ المعبد وترميمه سينصب الاهتمام بالأعمال اللاحقة كحماية الموقع من عوامل التلف الشديد كالرياح والرمال وترميم السياج، كما سيتم اتباع منهج صيانة دورية لضمان منع تردي حالة الموقع.
وقالت مدير عام دائرة الآثار والتراث بأم القيوين أن موقع “الدور” من المواقع التي تم ادراجها ضمن القائمة التمهيدية لدولة الامارات العربية المتحدة المعتمدة لدى مركز التراث العالمي بمنظمة اليونسكو منذ عام 2011 ويجري العمل حاليا على اعداد ملف من قبل دائرة الآثار والتراث بالإمارة بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة من اجل ترشيح الموقع الى قائمة التراث العالمي خلال السنوات المقبلة.