صباحات مُنيرة .
في زمنٍ تتلاشى فيه الحدود بين الممكن والمستحيل، نفتح الباب على مصراعيه لسؤالٍ يثير الخيال:
ماذا لو كانت بوابة الزمن حقيقة؟
لنُتخَيِّل للحظة أن رجلاً من القرون الأولى، حيث كانت الحياة بسيطة والترف معدومًا، قد خطا خطوة جريئة عبر هذه البوابة ليجد نفسه فجأة في عالمنا المعاصر. عالمٌ يعج بالتكنولوجيا الفائقة، والمباني التي تخطف الأنفاس، والأضواء التي لا تنطفئ.
لربما ظن أنه قد وطئت قدماه أرض الجنة، حيث النعم تفوق الخيال والرفاهية تسبق الحاجة لكن، هل سيكون الأمر كذلك حقًا؟ أم أن الواقع المعاصر سيكشف له جوانب أخرى قد تعكر صفو هذه الصورة الأثيرية؟
في هذا المقال، سنسافر عبر الزمن لنستكشف ما يعنيه التقدم الإنساني من منظور شخص عاش في العصور الغابرة، وكيف يمكن أن تتغير نظرته للعالم من حوله بمجرد أن يتجاوز حدود زمانه ومكانه.
وهكذا، بخطوات مترددة وعينين متسعتين بالدهشة، يبدأ رحلته في عالمنا يرى السيارات تسير بسرعات مذهلة، والطائرات تخترق السماء، والأجهزة الذكية تتيح التواصل عبر القارات في لحظات يشهد كيف أن الإنسان قد تغلب على الزمان والمكان، وكيف أن العلم قد فتح أبوابًا كانت مغلقة أمام أسلافه، لكن مع كل هذه الإنجازات، يلاحظ أيضًا الضجيج الذي لا ينقطع، والهواء الذي تلوث بدخان المصانع، والناس الذين يسيرون بوجوهٍ شاحبة ملتصقة بشاشاتهم. يتساءل، هل هذا هو ثمن التقدم؟!!
هل فقد الإنسان الاتصال بالطبيعة وببساطة الحياة التي كان يعرفها؟
يدرك رجل القرون الأولى أن الجنة ليست مجرد مكان، بل هي حالة من الوجود ، وأن السعادة لا تكمن في الوفرة المادية وحدها، وأن الروح تحتاج إلى أكثر من مجرد رفاهية ،بدءً بتقدير العلاقات الإنسانية، واللحظات البسيطة، والجمال الذي لا يمكن أن تصنعه الآلات ، ليجد أن الترف والامتنان ليسا متناقضين، بل لربما هما جزءٌ من نسيج حياتنا.
يمكن أن يكون لدينا الترف وفي الوقت نفسه نكون ممتنين للحاضر ،يمكن أن تكون لدينا القدرة على الاستمتاع بالأشياء المادية، وفي الوقت نفسه نكون ممتنين للأشياء البسيطة.
لنحتفظ بذكرياتنا الجميلة، ولنعيش اللحظة الحالية بكل امتنان ،فالحياة تمضي بسرعة، والتوازن بين الترف والامتنان يجعلها أكثر جمالًا ومعنى.
وفي لحظة إدراك، يتذكر صاحبنا أن مهلة العودة إلى زمانه تنتهي بعد ساعات من الآن ،ليقف محملاً بحكمة لا تقدر بثمن وسيعود إلى عصره، ليس كما جاء، بل كشاهد على عالم يمكن أن يكون جنة ، إذا ما عرفنا كيف نحافظ على جوهر الإنسانية وسط كل هذا التقدم.
وفي عالمٍ موازٍ، حيث تتداخل الأبعاد والزمان، وترحب بوابة الزمن، تلك الفتحة الغامضة التي تنقلنا بين الماضي والمستقبل، تعكس عجائب الطبيعة وقدرتها على تجاوز حدود الزمان والمكان. بواسطة هذه البوابة، يجد الإنسان نفسه محاطًا بأسرار الزمان، حيث يتجسد التاريخ ويتلاقى مع الحاضر، ويتجلى المستقبل بألوانه المبهرة ، عند هذه النقطة في توقيت العودة، يلتقي رجل القرون الأولى بالمسافرين من كافة الأزمان، كل واحد منهم يحمل أمانٍ وتطلعات مختلفة. الأول، كان يرغب بشدة في العودة إلى زمانه الماضي، حيث كان يحلم بإصلاح أخطاء قديمة والعيش مجددًا في لحظات سعيدة مضت.
الثاني، كان يتطلع إلى المستقبل، محملاً بآمال التقدم والتطور، حيث كان يسعى لمشاهدة العالم وكيف سيصبح بعد عشرات السنين. أما الثالث، فكان مؤرخًا شغوفًا، يرغب في زيارة العصور الماضية وتوثيق الأحداث من أهلها مباشرة، ليحقق مصداقية في كتاباته التاريخية.
تلك البوابة الزمنية، المعروفة بقوتها وقدرتها على الانتقال بالناس عبر الأزمنة، قررت هذه المرة أن تخونهم ، بدلًا من أن تلبي رغباتهم وتحقق أمانيهم، وضعتهم أمام مصير مجهول. كان عليهم أن يقرروا بسرعة فائقة، وكان الخيار المتاح أمامهم هو العودة إلى نقطة الانطلاق أو تحقيق أمنية طالما تمنوها جميعًا: أن يعودوا أطفالًا، ليعيشوا حياة جديدة بكل براءتها وإمكانياتها.
لكن الزمن لم يكن في صفهم، فبينما كانوا يتناقشون ويترددون في اتخاذ القرار، ابتلعتهم البوابة الزمنية وألقت بهم شيوخًا قد بلغوا من العمر عتيًا، وقد أصبحت أجسادهم ضعيفة وذاكرتهم مثقلة بالحنين والتجارب. لم يعد أمامهم سوى الندم على تلك اللحظة التي لم يستطيعوا استغلالها. وكانت الرسالة واضحة وجلية: من الجيد أن تعيش اللحظة، دون أن تضيع الوقت في التفكير الطويل والتردد. اللحظات التي نعيشها هي أغلى ما نملك، وعليها أن تكون محور تركيزنا، بدلاً من العيش في أماني كل الماضي أو المستقبل.
لكن علينا ألا ننسى أهمية السعي نحو مستقبل أجمل والتخطيط له بشكل مدروس. فبينما يجب أن نستمتع باللحظة الحالية ونعيشها بكل تفاصيلها، ينبغي أيضًا أن نضع رؤية واضحة لمستقبلنا ونعمل على تحقيقها، لأن التوازن بين العيش في الحاضر والتخطيط للمستقبل هو ما يصنع حياة مليئة بالإنجازات والسعادة.