حين نتأمل هذا الكون البديع، نشهد دلائل عظَمة الخالق في كل زاوية من زواياه، من الجبال الشامخة ،إلى السواحل المتلألئة، ومن الغابات الوارفة إلى الصحارى التي تنبض بالحياة رغم جفافها.
هذا الجمال لم يُخلق عبثًا، بل لننعم به، ونتأمل فيه، ونجعل منه وسيلة للراحة والاستشفاء النفسي، وهنا كانت السياحة البيئية إحدى أجمل وسائل الإنسان للتواصل مع الطبيعة.
منذ القِدم، ارتبط الإنسان بمحيطه الطبيعي، حيث كانت الرحلات تتركز حول ينابيع المياه والواحات الخضراء، وكانت الأسفار وسيلة لاكتشاف جمال الأرض، مع احترامها والحفاظ عليها. واليوم، أصبحت السياحة البيئية أحد أعمدة التنمية المستدامة، إذ لا يمكن تصور سياحة قائمة دون بيئة نظيفة وآمنة وغنية بالتنوع الأحيائي.
فكل مشهد طبيعي خلاب هو دعوة للحفاظ عليه، وكل تنوع أحيائي هو قصة تدعو للاهتمام والاستدامة.
عندما نحمي الغابات، فإننا نحمي مأوى الطيور والكائنات، وعندما نحارب التصحر، فإننا نعيد الحياة لأراضٍ جرداء، لتتحول إلى مصدر جذب للسياح ، كذلك فإن مجابهة تغير المناخ ومنع التلوث ليس فقط مسؤولية بيئية، بل ركيزة أساسية لدعم السياحة البيئية وازدهارها.
لنأخذ نموذجًا ملهمًا: الصين، التي استطاعت أن تحوّل مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية إلى واحات خضراء، فقد زُرعت الأشجار، واستُصلحت الأراضي، واستُخدمت تقنيات حديثة لصيانة التنوع البيولوجي، مما جذب السياح إلى سفوح الرمال حيث تلتقي الحضارة بالطبيعة، ويُحترم التوازن البيئي.
إذًا، دعوتنا اليوم عبر هذه النافذة، هي دعوة إلى الاستدامة، إلى أن نكون أصدقاء للبيئة، نحميها ونرعاها، لنستمتع بسياحة في بيئة خضراء، آمنة، ومستدامة ، فكل خطوة نخطوها نحو حماية الأرض، هي في ذاتها خطوة نحو سياحة أجمل، وإنسان أكثر وعيًا وامتنانًا لعطايا الخالق.
د/زينب صالح محمدين ،
خبيرة ومستشارة في التعليم من أجل التنمية المستدامة.