في خطوة تعكس التزام دولة قطر بصون التراث الوثائقي وتعزيز التعاون الإقليمي، أعلنت دار الوثائق القطرية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن تأسيس لجنة “ذاكرة العالم” للمنطقة العربية، وذلك خلال المؤتمر الإقليمي الذي استضافته الدوحة في يناير 2025 تحت عنوان “الذاكرة في التراث: تعزيز التعاون بشأن التراث الوثائقي في المنطقة العربية”.
وشهد المؤتمر، الذي نُظّم برعاية دار الوثائق القطرية و”اليونسكو”، انتخاب الأمين العام لدار الوثائق القطرية الدكتور أحمد عبدالله البوعينين، رئيسًا للجنة، في خطوة تُعد تتويجا للدور القطري المتنامي في دعم الذاكرة الوثائقية العربية.
إلى جانب هذا الإنجاز، شهدت مكتبة قطر الوطنية، افتتاح المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي للجمعيات ومؤسسات المكتبات؛ بهدف تعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية بحفظ التراث الوثائقي في العالم العربي والشرق الأوسط.
وفي الإطار ذاته، أُعلن عن تأسيس اللجنة الوطنية القطرية لتنفيذ برنامج “ذاكرة العالم” التابع لليونسكو، كآلية وطنية تتولى إعداد سجل وطني للتراث الوثائقي تحت مسمى “السجل القطري لذاكرة العالم”، واقتراح الوثائق المؤهلة بالتراث العالمي لتسجيلها في سجل “برنامج ذاكرة العالم”، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع أمانة “برنامج ذاكرة العالم” واللجنة الإقليمية الخليجية “لبرنامج ذاكرة العالم” والجهات المختصة في الدولة.
وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة الثقافة، رئيس اللجنة الوطنية لذاكرة العالم، الدكتور غانم بن مبارك العلي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا): إن إنشاء اللجنة الوطنية لذاكرة العالم جاء بقرار مجلس الوزراء لتنفيذ برنامج ذاكرة العالم، الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”؛ بهدف حماية وصون التراث الوثائقي العالمي بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وأضاف أن اللجنة تعنى باقتراح شراكات مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص بشأن تنفيذ برنامج ذاكرة العالم للدولة، على أن تفعّل من خلال وزارة الثقافة، وإقامة البرامج والفعاليات والأنشطة الهادفة إلى التعريف ببرنامج ذاكرة العالم، والتوعية بأهمية الحفاظ على التراث الوثائقي بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وأشار إلى أن اللجنة الوطنية لذاكرة العالم تقوم خلال الفترة الحالية بالعمل على جمع الوثائق، وإعداد آلية لفرزها، وتصنيف النسخ الأصلية منها، والعمل على مشروع ذاكرة العالم في المراحل الأولية. وسوف تعمل خلال الفترة المقبلة على تنظيم مجموعة من ورش العمل؛ بهدف التدريب على طرق الحفاظ على الوثائق والتعريف بأهميتها، وتسليط الضوء على جهود صونها للأجيال القادمة. كما تستهدف اللجنة، بالتعاون مع الجهات المعنية، التعريف ببرنامج ذاكرة العالم، وتوعية فئات المجتمع بأهمية الحفاظ على التراث الوثائقي عبر تنظيم العديد من الفعاليات.
وأكد وكيل وزارة الثقافة أن دولة قطر تولي اهتمامًا فائقًا بحماية التراث الوثائقي وصونه، بوصفه إرثًا حقيقيًا ومستدامًا للأجيال القادمة. ومن هذا المنطلق، تعمل اللجنة الوطنية لذاكرة العالم يدًا بيد مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، إذ يجري التنسيق بشأن اختصاصات اللجنة وتنفيذ مهامها وبرامجها.
وقال: إن التعاون مع “اليونسكو” مستمر وبشكل مكثف، بما يخدم جهود حماية وصون التراث الوثائقي العالمي، منوّهًا بأن دولة قطر تحرص على تعزيز مبادراتها في مجال حفظ التراث الوثائقي، من خلال دعم الجهود المحلية والإقليمية والدولية لحفظ الوثائق التاريخية والتوعية بأهميتها؛ إذ إن التراث الوثائقي يعد إحدى الركائز الأساسية التي تعكس هوية الأمم وتاريخها، وهو ما يجعل حمايته وصونه مسؤولية جماعية تتطلب جهودًا متكاملة لضمان استدامته للأجيال القادمة.
في ضوء التحولات التي يشهدها العالم العربي، وما يصاحبها من مخاطر متزايدة تهدد الأرشيفات الوطنية والذاكرة التاريخية للشعوب، تبرز أهمية الدور الذي تؤديه لجنة “ذاكرة العالم للمنطقة العربية”، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، التي انتُخبت دولة قطر رئيسًا لها خلال شهر يناير الماضي، مما يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها العالم العربي لدولة قطر ودورها المتميز في صون التراث الوثائقي.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لدار الوثائق القطرية ورئيس لجنة “ذاكرة العالم للمنطقة العربية” الدكتور أحمد عبدالله البوعينين، في تصريحات خاصة لـ “قنا” أهمية صون التراث الوثائقي العربي، انطلاقًا من كونه مسؤولية تكاملية تتطلب تنسيقًا مؤسسيًا ورؤية إستراتيجية، لافتًا النظر إلى جهود دولة قطر في صون تراثها الوثائقي عبر إستراتيجية طموحة، ومشاريع رائدة تقوم على بنية تحتية متقدمة، وخبرة تقنية عالية في مجالات الحفظ الرقمي، والصيانة الوقائية.
وأوضح الدكتور أحمد البوعينين أن لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية تمثل إطارًا تنظيميًا إقليميًا ذا وظيفة إستراتيجية في مجال صون التراث الوثائقي العربي، إذ تسهم في رفع الوعي بأهمية الوثائق التاريخية بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية، ورافعة أساسية لهوية الشعوب، لافتًا إلى أنه منذ انطلاق برنامج ذاكرة العالم التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” عام 1992، اعتمد على هيكل تنظيمي يشمل مستويين من اللجان الفرعية، أولهما اللجان الإقليمية، وثانيهما اللجان الوطنية.
وقال: إنه من هذا المنطلق دُشنت اللجنة، التي يكمن دورها المحوري في القدرة على تنسيق الجهود العربية، وتوجيهها نحو العمل التكاملي في مواجهة التحديات التي تعترض عمليات الحفظ، والتوثيق، والرقمنة.
وتابع أن تدشين اللجنة يبرز أيضًا أهمية التراث الوثائقي العربي الذي لم ينل الحظ الأوفر للتمثيل في السجل العالمي لذاكرة العالم، إذ لا تتعدى نسبة تمثيله 4 بالمئة، وهي نسبة غير واقعية مقارنة بحجم التراث الوثائقي العربي، وما يتسم به من غنى وثراء، وتاريخ طويل، فضلًا عن اتساع مساحته الجغرافية.
وأكد الدكتور البوعينين أن اللجنة تعتمد في مقاربتها على مبدأ التعاون الإقليمي بوصفه أداة عملية لتعزيز القدرات المؤسساتية في الدول العربية، إذ تسعى إلى توجيه الأنشطة نحو مقاربات مشتركة تشمل التدريب المهني، ونقل الخبرات، وتقاسم أفضل الممارسات في مجال صون التراث الوثائقي، وتعمل على دعم ملفات الترشيح الجماعية لسجل ذاكرة العالم، مما يسهم في تعزيز التكامل المعرفي بين الدول ذات الروابط التاريخية أو الثقافية المشتركة.
وفيما يتعلق بآليات التنسيق المعتمدة بين الدول العربية داخل اللجنة، أوضح أن اللجنة تتبنى هيكلًا تنظيميًّا يعتمد على “نقاط اتصال وطنية” في كل دولة عضو، إضافة إلى لجان فرعية ومجموعات عمل موضوعية تُعنى بمختلف جوانب صون التراث الوثائقي، كما تعتمد اللجنة على آلية الاجتماعات الدورية، وورش العمل التكوينية، التي تُعقد بشكل منتظم لتعزيز تبادل الخبرات وبناء القدرات، إلى جانب الشراكات مع الهيئات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن هذا الهيكل يسهم في تحقيق مستوى عالٍ من التنسيق الفني والمؤسسي، ويتيح تدخلًا ميدانيًّا مرنًا ومتكاملًا.
وحدد الأمين العام لدار الوثائق القطرية ورئيس لجنة “ذاكرة العالم للمنطقة العربية” أبرز الخطط التي تعتزم اللجنة تنفيذها للحفاظ على التراث الوثائقي عربيًا في أربعة محاور رئيسة؛ يشمل الأول التكوين والتأهيل، ويتضمن تنظيم برامج تدريبية متخصصة في مجالات الحفظ، والفهرسة، والترميم، بهدف رفع كفاءة العاملين في مراكز الأرشيف والوثائق بالدول العربية، فيما يعتمد المحور الثاني على الرقمنة، وذلك عبر دعم المشاريع الوطنية والإقليمية لتحويل الوثائق الورقية إلى نسخ رقمية، قابلة للحفظ على المدى الطويل، وتسهيل الوصول إليها، بينما تكمن أهمية المحور الثالث في إعداد ملفات الترشيح، من خلال مساعدة الدول العربية في إعداد ملفات متكاملة لتسجيل وثائقها ذات القيمة التاريخية في سجل ذاكرة العالم التابع لليونسكو، في الوقت الذي يعتمد فيه المحور الرابع على بناء قواعد بيانات موحدة، في ظل ما تسعى إليه اللجنة لإنشاء قواعد بيانات إقليمية تتيح الوصول المنهجي إلى الوثائق التاريخية، وتعزز إمكانات البحث العلمي والتعاون الأكاديمي في هذا المجال.
وعن تقييمه لإسهامات دولة قطر في صون التراث الوثائقي العربي، وصف الدكتور أحمد البوعينين دولة قطر بأنها من الدول العربية التي قدمت نموذجًا متقدمًا في مجال حفظ الذاكرة الوطنية، من خلال دعمها المتواصل للمشاريع الوثائقية ذات البعد المحلي والإقليمي.
وقال إن دولة قطر -ممثلة في دار الوثائق القطرية- تتميز برؤية استشرافية في مجال تعزيز الذاكرة الوطنية، من خلال الاستثمار في التراث الوثائقي وربطه بمسارات التنمية الثقافية المستدامة، إلى جانب التزامها بدعم المؤسسات الإقليمية المعنية بصون التراث الوطني.
واستحضر في هذا السياق الدور البارز الذي اضطلعت به دار الوثائق القطرية في تنظيم المؤتمر الدولي بعنوان: “الذاكرة في التراث: دعم الحفاظ على التراث الوثائقي في المنطقة العربية”، الذي انعقد في شهر يناير الماضي، وشكّل محطة محورية، إذ انبثق عنه تدشين اللجنة الإقليمية لذاكرة العالم للوطن العربي، بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، في تجسيد عملي لحرص دولة قطر على تمثيل التراث الوثائقي القطري خاصة، والعربي عامة، في قوائم التراث العالمي.
وأوضح أن هذا المؤتمر سبقه تنظيم “اليونسكو” ثلاثة لقاءات افتراضية، امتدت على مدى ثلاثة أشهر، بمشاركة نخبة من المعنيين بالتراث الوثائقي في العالم العربي، وخُصصت هذه اللقاءات لمناقشة مختلف بنود النظام الأساسي للجنة الإقليمية، تمهيدًا لاعتمادها النهائي خلال انعقاد المؤتمر المشار إليه في الدوحة، إلى جانب التحضير لانتخابات تشكيل المكتب التنفيذي للجنة في دورتها الأولى، وهو ما تحقق بالفعل في ختام أعمال المؤتمر.
وعن دور دار الوثائق القطرية في مجال صون التراث الثقافي، أكد أن الدار تلعب دورًا محوريًا في مجال صون التراث الوثائقي، مستندة إلى إستراتيجية طموحة، ومشاريع رائدة تقوم على بنية تحتية متقدمة، وخبرة تقنية عالية في مجالات الحفظ الرقمي، والصيانة الوقائية، والمعالجة الفنية للوثائق، كما تسهم أيضا في تدريب الكفاءات، وتشارك في مشاريع توثيقية عربية على المستوى الإقليمي؛ مما يعزز مكانتها مرجعيةً رائدة في المنطقة في ميدان حفظ الذاكرة التاريخية وصونها.
وشدد الأمين العام لدار الوثائق القطرية ورئيس لجنة “ذاكرة العالم للمنطقة العربية” الدكتور أحمد البوعينين، على أن الحفاظ على التراث الوثائقي العربي لا يُعدّ مهمة فنية أو اختصاصية فحسب، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف من مؤسسات، وباحثين، ومجتمعات، “فالوثيقة ليست مجرد سجل جامد، بل هي تجسيد للهوية، ووسيلة لبناء الوعي التاريخي، وتعزيز المعرفة، وترسيخ الهوية الوطنية والثقافية للأجيال القادمة”
مكتبة قطر الوطنية ودور رائد في صون التراث العربي والإسلامي
أكدت مدير شؤون المجموعات الوطنية والمبادرات الخاصة بمكتبة قطر الوطنية عبير سعد الكواري، أن اختيار المكتبة لتكون أول مكتب إقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (إفلا) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُعد إنجازًا تاريخيًا للعالم العربي، ويعكس الدور الريادي الذي تضطلع به المكتبة في نشر المعرفة وصون التراث.
وقالت عبير الكواري، في تصريحات خاصة لـ “قنا”: إن هذا الاختيار يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير قطاع المكتبات في العالم العربي، كما يمثل خطوة إستراتيجية عميقة تعكس التزام دولة قطر بإنشاء بنية معلوماتية متطورة للمعرفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرسخ الشراكة القائمة على رؤية مشتركة، وهي: تبني المعايير الدولية في مجال المعلومات والمكتبات، مع مراعاة الخصوصية الثقافية للمنطقة.
وعن دور المكتبة بصفتها المكتب الإقليمي لـ”إفلا”، أوضحت أن المكتب الإقليمي لـ”إفلا” في مكتبة قطر الوطنية هو فرع تنسيقي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات في المنطقة، ويضطلع بتنفيذ برامج “إفلا” ومبادراتها إقليميًّا، إضافة إلى دعم المكتبات ومؤسسات المعلومات في العالم العربي، منوّهة بأن المكتب يتيح التنسيق بين 22 دولة عربية في تطوير السياسات والبرامج التدريبية، وتبادل الرؤى والخبرات مع المؤسسات والمكتبات الدولية، والقيام بدور حلقة الوصل بين “إفلا” والمكتبات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلًا عن كونه منصة للتعاون وتبادل الخبرات من أجل الارتقاء بخدمات المكتبات، وتعزيز جهود “إفلا” على المستوى الإقليمي، ودفع الأنشطة الإقليمية في مجال المكتبات، ودعم مبادرات نشر المعرفة وصون التراث على نطاق أوسع في عالمنا العربي.
وأضافت: “يُسهم كذلك المكتب في دعم التمثيل العربي في صنع القرار داخل الاتحاد الدولي على نحو غير مسبوق، ووجوده في الدوحة يسهّل الوصول إلى الخبرات العالمية التي تستضيفها المكتبة عبر الأنشطة والمعارض والفعاليات المختلفة التي تنظمها، كما يوفر لمكتبة قطر الوطنية نافذة مباشرة على التجارب العالمية في تقنيات الرقمنة والحفظ المادي، ويسهّل الانخراط مع صنّاع القرار والمختصين لإطلاق مشاريع مشتركة في مجالات إدارة الكوارث التراثية، وإعداد الكوادر المؤهلة في مجال صيانة المخطوطات والوثائق التاريخية.
وأشارت الكواري إلى أن وجود هذا المكتب الإقليمي يعزز قدرات مكتبة قطر على خدمة التراث الثقافي؛ إذ سنعمل عبره على إطلاق مشاريع إقليمية لحفظ المخطوطات والوثائق التاريخية، ومكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث الوثائقي وكنوز المقتنيات التراثية بالتعاون مع الشركاء.
وقالت: نعمل على تدريب أخصائيي الحفظ من مختلف الدول على تقنيات الصون والترميم الحديثة، إذ قادت المكتبة العديد من المبادرات الإقليمية في هذا المجال بصفتها المركز الإقليمي لـ”إفلا” لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها في المنطقة منذ عام 2015، فتم تنظيم ورش ودورات تدريبية لمساعدة المكتبات العربية على تبني أفضل ممارسات حفظ الوثائق وترميمها.
وتابعت: من جهة أخرى، تتبنت مكتبة قطر جهودًا ريادية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي، من خلال مشروع “حماية” الذي أطلقناه للتصدي لتهريب المخطوطات والوثائق التاريخية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلًا عن التعاون مع هيئات دولية كاليونسكو والإنتربول لضبط هذه الممارسات وحماية تراثنا المشترك، إذ إن جميع هذه الجهود تعزز حماية التراث العربي والإسلامي وصونه وتعزيزه، لضمان نقله بأمانة إلى الأجيال القادمة، وترسيخ الهوية والوعي بتاريخنا الحضاري العريق.
وحول جهود مكتبة قطر الوطنية لحفظ التراث العربي والإسلامي، قالت عبير الكواري إن صون التراث العربي والإسلامي يُعد إحدى أهم أولويات مكتبة قطر الوطنية ورسالتها الأساسية، إذ أنشأت المكتبة “المكتبة التراثية”، التي تضم مجموعة ضخمة من المخطوطات النادرة والكتب التاريخية والخرائط والصور الفوتوغرافية، وتحفظ بين جنباتها كنوزًا ثمينة تعكس تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، منوّهة بقيام المكتبة برقمنة ما يزيد على 16 مليون صفحة من المواد التراثية والثقافية، بما في ذلك المخطوطات والكتب والخرائط، ومستمرون في هذا الجهد حفاظًا عليها للأجيال القادمة.
وأضافت: أطلقنا قبل سنوات منصة “مكتبة قطر الرقمية” بالتعاون مع شركاء دوليين، التي تتيح ملايين الصفحات الوثائقية والتاريخية على الإنترنت مجانًا لكل باحث ومهتم، كما أن لدى المكتبة مركزًا متخصصًا في الحفظ والصيانة هو الأكثر تطورًا في المنطقة العربية، وتجرى فيه عمليات ترميم المخطوطات والوثائق التاريخية وفق أحدث الأساليب العلمية.
وإلى جانب الدعم البحثي المباشر، تنظم مكتبة قطر الوطنية بشكل منتظم محاضرات وندوات ومعارض تُلقي الضوء على محطات مهمة في تاريخ العالم العربي والإسلامي وتراثه، ومن أبرزها هذا العام معرض حول تاريخ صناعة الكتاب المخطوط في المغرب.
وحول خطط المكتبة المستقبلية لحفظ التراث، كشفت عبير الكواري أن خطط المكتبة المستقبلية تستند في مجال حفظ التراث إلى ما أنجزته وتطمح لتوسيع نطاقه وترسيخه، مؤكدة أن المكتبة سوف تواصل مشروع الرقمنة الشاملة لمجموعاتها التراثية؛ بهدف استكمال حفظ التراث العربي والإسلامي، وحماية كنوزه عبر تحويلها إلى إرث رقمي خالد لا يُقدّر بثمن، إذ تؤكد مكتبة قطر الوطنية بهذه المبادرات رؤيتها الشاملة في الحفاظ على الذاكرة الجمعية، وتعزيز مكانة المنطقة مصدرًا للإلهام والابتكار على الصعيد العالمي.
وختمت مدير شؤون المجموعات الوطنية والمبادرات الخاصة بمكتبة قطر الوطنية، تصريحاتها لـ”قنا”، قائلة: “نواصل شراكاتنا ومبادراتنا لضمان توحيد الجهود على مستوى العالم العربي في حماية تراثنا العريق. إضافة إلى ذلك، سنطلق برامج توعوية لتعزيز وعي المجتمع، ولا سيما الشباب، بأهمية التراث الثقافي وتشجيعهم على المشاركة في حفظه عبر أنشطة التطوع والبحث والتوثيق. وبوصفنا الآن المكتب الإقليمي لـ”إفلا”، سنعلن قريبًا عن خطط عمل مشتركة مع الاتحاد الدولي لتعزيز قطاع المكتبات وتشجيع مشاريع توثيق وترميم التراث عبر العالم العربي، مع ضرورة الاستمرار في القيام بهذا الدور القيادي، بحيث تبقى مكتبة قطر الوطنية منارة لحماية التراث ونشره، وجسرًا يربط ماضي أمتنا بحاضرها ومستقبلها.