الرياض:سياح
أنجزت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني دراسة اقتصادية بالتعاون مع البنك الدولي بعنوان “تقييم الأثر الاقتصادي للتراث الحضاري في المملكة العربية السعودية” بمشاركة خبراء من البنك الدولي ومنظمة السياحة العالمية.
ووافق مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه الثالث والأربعين على توصيات الدراسة الاقتصادية التي أعدتها الهيئة بهدف بيان الآثار الاقتصادية والإمكانات الكبيرة للتراث الثقافي الوطني في توليد مشاريع استثمارية مجدية تسهم في زيادة الدخل الوطني وتوفير فرص العمل للمواطنين.
حيث قدمت الدراسة العديد من المؤشرات الرئيسة للسياحة الثقافية في المملكة، وقدرت الأثر الاقتصادي للاستثمارات المنفذة في مشروعات ترميم وتأهيل مواقع التراث الثقافي.
وأوضحت نتائج الدراسة أن الاستثمار في التراث الوطني له أثر اقتصادي إيجابي كبير، من حيث الإسهام في زيادة وتنويع مصادر الدخل الوطني، وتوفير فرص العمل للمواطنين على مستوى الموقع والمنطقة.
وقد أكد الدراسة أن الاستثمار بالتراث الثقافي يولد منافع اقتصادية فورية وقصيرة الأمد، تشمل زيادة الوظائف والدخل مباشرة من ترميم المواقع، وتجديد المناطق الحضرية المتعثرة على المدى الطويل، مما يؤكد الآثار الإيجابية الناتجة من استثمارات التراث الثقافي.
وهدفت الدراسة الى بيان الآثار الاقتصادية والإمكانات الكبيرة للتراث الثقافي الوطني في توليد مشاريع استثمارية مجدية تسهم في زيادة الدخل الوطني وتوفير فرص العمل للمواطنين.
وقدمت الدراسة العديد من المؤشرات الرئيسة للسياحة الثقافية في المملكة، وقدرت الأثر الاقتصادي للاستثمارات المنفذة في مشروعات ترميم وتأهيل مواقع التراث الثقافي.
وقدرت الدراسة إجمالي رحلات السياحة الثقافية في المملكة بعدد (6.3) مليون رحلة، فيما قُدر الاثر الكلي للإنفاق على السياحة الثقافية في المملكة خلال عام (2015م) بمبلغ (56.6) مليار ريـال، كما قدرت فرص العمل التي تولدت عن أنشطة الزوار في مواقع التراث الثقافي والأنشطة التجارية المحيطة بها بـ(112) ألف وظيفة.
وتسهم أعمال ترميم التراث حسب الدراسة في توليد ما معدله (١٨) وظيفة، ودخل عمالة قدره (٤٦٠) ألف ريالاً، وذلك لكل مليون ريال تم استثماره. وتسهم أعمال الترميم في أنشطة التراث الثقافي والتي أنتجت بطريقة مباشرة بـ (١٣،٥) مليار ريالاً في الإنفاق الإجمالي في مواقع التراث، إضافة إلى ما مقداره (١١١،٦٣٢) وظيفة ضمن وحول مواقع التراث في المملكة. وبإضافة الإنفاق غير المباشر فإن الإنفاق الكلي (المحلي والوافد) الناتج من السياحة الثقافية يمكن أن يصل لما مقداره (١٥،١) مليار دولاراً أمريكياً (١١،٥ مليار دولاراً للمحلي، و ٣،٦ مليار دولاراً للوافد).
وذكرت الدراسة أنه في عام ٢٠١٥م، بلغ عدد الرحلات السياحة المحلية الثقافية ما مجموعه (٣،٩٤٨،٧٨٥) رحلة، وشملت زيارات للمتاحف، والمعارض الفنية، والفعاليات الثقافية، والمهرجانات، والمناطق الأثرية أو التاريخية، ومواقع الآثار، والحصون. وولدت ما مقداره (٣١،٣٨٢،١٣٨) ليلة مبيت و(٤،٢) مليار ريالاً في إجمالي الإنفاق. وتدعم كل (٧٣) رحلة ثقافية محلية أو تنتج، وظيفة مباشرة واحدة على الأقل، وهذا يولد بالمجموع (٥٤،٠٩٣) وظيفة.
وعن الآثار الاقتصادية للرحلات الثقافية الوافدة في عام ٢٠١٥م أوضحت الدراسة أن هذه الرحلات البالغ عددها (٢،٣٥٩،١١٢) رحلة وافدة أنتجت ما مقداره (٢٥،٣٠٤،٨٢٢) ليلة مبيت و(٩،٣) مليار ريالاً في إجمالي الإنفاق. ودعمت كل (٤١) رحلة ثقافية وافدة أو أنتجت وظيفة مباشرة واحدة على الأقل، وهذا ينتج بالمجموع (٥٧،٥٣٩) وظيفة. ويظهر التحليل، أن أعلى قيم الإنفاق اليومية تحصل في حالة الزائــرين الدوليين من غير الحجـــاج والمعتمــرين الذين يبيتـون.
وفي الحقيقة، ينفق الزائر من هذه الفئة من الزوار ما يفوق ضعفي ما ينفقه الحاج أو المعتمر الذين يبيتون، وأربعة أضعاف ما ينفقه الزائر المحلي الذي يبيت. ويشكل الحجاج أو المعتمرون الذين يبيتون الفئة الثانية الأعلى من حيث الإنفاق، مع ما يزيد عن (١٠) ملايين من الزوار القادمين.
ومن المواقع التي أجرت الدراسة فيها بحوثا ميدانية حي البجيري في الدرعية التاريخية، حيث أوضحت الدراسة ان العوائد اليومية في نهاية عطلة الأسبوع للحي التجاري بلغت حوالي (٣٩٠) ألف ريال، و(٣،١) مليون ريالاً في الشهر، ويدعم توظيف (٤١) مواطناً.
ويمثل إرتكاز مشاريع التجديد الحضري على الأصول التراثية، استراتيجية فعالة لتشجيع التنمية الاقتصادية. وبالنسبة للمجتمعات المجاورة للمواقع التراثية، فيبدأ حصولهم على المنافع من خلال أعمال الترميم في شكل أعمال قصيرة الأجل وبناء المهارات. وبمرور الوقت، تولد الآثار الاقتصادية الناجمة عن زيادة عدد الزوار المزيد من الوظائف والفرص الاستثمارية والدخل، عبر مجموعة من مقدمي الخدمات والخبرات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة.
وتؤدي التحسينات التي تطرأ على منطقة ما من خلال الترميم لموقع أو أكثر إلى تحفيز التجديد والتنشيط الحضري المحلي، وبالتالي جذب المزيد من الإنفاق المحلي والوافد.
وقد أوصت الدراسة بضرورة قيام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بجمع المزيد من البيانات والقيام بالتحليل اللازم لترتيب الأولويات الاستثمارية، إضافة إلى استثمارات المؤسسات الحكومية الأخرى في التراث الثقافي. ويمكن أن يساعد جمع البيانات من السكان وأصحاب الأعمال والزوار في المواقع التراثية أو حولها، من خلال الدراسات الاستبيانية وغيرها من الأدوات، في قياس الوجهات وقياس التأثيرات على التجديد الحضري.
وتتمثل الأولوية القصوى لتقييم الآثار الاقتصادية للتراث الثقافي، في إجراء دراسات استبيانية على مستوى المواقع لتوسيع نطاق جمع البيانات وتحليلها من أجل قياس الإنفاق على التراث واستثماراته. وتوسيع تطبيق تحليل الآثار المترتبة على أعمال ترميم التراث وإعادة تأهيله ليتم تطبيقه على مواقع إضافية خارج مواقع العينة المشمولة في هذه الدراسة.
وتصميم وتنفيذ حملة توعية وطنية لتحقيق المزيد من الاهتمام المحلي في الزيارة والاستثمار بالقرب من مواقع التراث الثقافي. وتخفيض القيود السوقية وقيود الوصول على الزوار الوافدين المهتمين بالتراث الثقافي. كما تبين الدراسة، فإن الزائرين (لغير الحج والعمرة) ينفقون أكثر من الزوار المحليين، وبالتالي يولدون المزيد من الوظائف والأنشطة الاقتصادية لكل زائر.
ومن ثم، يمكن للمواقع التراثية التي تجتذب الزوار الوافدين والمناطق المحيطة بها أن تولد عائدات على الاستثمارات بشكل أسرع، وبالتالي تحفز التجديد الحضري. ويتطلب اجتذاب هؤلاء الزوار الحد من القيود الإجرائية (أي التأشيرة والدخول إلى المملكة العربية السعودية)، وتنظيم حملة تسويقية تستهدف الزوار الوافدين ومنظمي الرحلات السياحية الدوليين المهتمين بالتراث الثقافي. ولضمان استدامة الزيارات الوافدة الموسعة، يجب أن تكون المواقع التراثية مجهزة لاستقبال الزوار الوافدين من خلال مرافق صديقة للزوار، وأدلاء ومرشدين سياحيين ولافتات إرشادية على مستوى عالمي.