الشارقة:وام
أكدت هيئة الشارقة للآثار استمرار نشاطاتها التنقيبية في المواقع الأثرية بالإمارة والتي أسفرت عن مكتشفات آثارية جديدة ذات قيمة تاريخية تبرز الدور الحضاري لأبناء المنطقة.
وكشف تقرير أعدته هيئة الشارقة للآثار عن أعمالها خلال العام المنصرم 2017 أن الهيئة دأبت على أداء مهامها الأساسية بعناية وحرص متمثلة في استمرار البحث والتحري عن المواقع الأثرية في إمارة الشارقة على مدار العام وليس هناك جدول زمني لتحديد مهمة البحث أو وقت الانتهاء منه وقد شهد العام 2017 المزيد من هذه الأعمال.
وقامت الهيئة باتخاذ الإجراءات اللازمة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتأمين ونصب سياج كبير حول موقع مليحة الأثري ومواقع أخرى في المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية.
واستمرت عمليات التنقيب الأثري على مدار العام من قبل بعثة التنقيب الأثري المحلية في مواقع أثرية مختلفة ابتداء من الساحل الغربي ومركز مدينة الشارقة والمنطقة الوسطى ومنطقة الساحل الغربي .
وتتوافد إلى إمارة الشارقة أعداد من بعثات التنقيب الأثرية الأجنبية التي تعمل في الإمارة بموجب اتفاقيات عمل خاصة تحت إشراف هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع البعثة المحلية وقد وفدت إلى الإمارة خلال العام 2017 البعثات الأثرية البرتغالية والبلجيكية والألمانية والإسبانية والأمريكية واليابانية.
وتعتبر دراسة وتحليل وترميم وصيانة المكتشفات الأثرية من أهم مهام الهيئة الرئيسة وتتم هذه العملية في مواقع التنقيب وفي مختبر الهيئة الرئيس بالشارقة وهى عملية متواصلة على مدار العام.
ومن خلال دراسة نتائج عمليات التنقيب في المواقع الأثرية فإن الهدف الرئيسي لعمليات التنقيب هو نشر نتائج هذه الدراسات سنويا في مجلة ” آثار الشارقة ” وغيرها من المطبوعات المتخصصة في دول العام المختلفة.
وأوضح التقرير مواصلة حملات التنقيب الأثري في إمارة الشارقة منذ خريف العام الماضي حيث تواصل بعثة التنقيب الأثرية المحلية من إدارة الآثار في الشارقة أعمالها التي تستمر على مدار العام في عدة مواقع في المنطقة الوسطى والشرقية بإمارة الشارقة وقد أثرت السجل الأثري بالمزيد من المكتشفات الأثرية الجديدة والتي تلقي الضوء على التاريخ القديم لأبناء الشارقة.
كما استمرت أعمال التنقيب من قبل بعثة مشتركة من جامعة “توبنجن” في ألمانيا وإدارة الآثار بالشارقة في موقع يعود إلى العصر البرونزي في وادي الحلو وهو من المواقع المهمة التي كانت مركزا لتعدين خامات النحاس وصب السبائك البرونزية .
وكشف التنقيب عن وجود العديد من ورش صهر المعادن وخبث النحاس الذي ينتج عن عمليات الصهر إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من السنادين والمطارق المستعملة في عملية التعدين .
واستنادا إلى نتائج الموسم الأخير فإن الموقع يضم طبقات أثرية تعود إلى الألف الثامن قبل الميلاد وحتى العصر الإسلامي وذلك استنادا إلى نتائج تحليل الكاربون المشع لعينات تم الحصول عليها من الموقع.
وعلى صعيد آخر قامت البعثة الأثرية البلجيكية من جامعة “غنت” بتنفيذ موسم جديد للتنقيب الأثري في موقع مليحـة وأكملت تنقيب بعض المدافن المشيدة تحت الأرض والتي بدأ العمل فيها خلال موسم التنقيب الماضي كما كشفت اللثام عن بقايا مبان سكنية مشيدة بالطوب الطيني وعثرت بداخلها على مجموعة متنوعة من الأواني الفخارية واللقى الأثرية الأخرى .
وتستمر أيضا عمليات بعثة التنقيب الأثرية الأمريكية من جامعة “برين مور” في موقـع ” تل أبرق ” الذي يعتبر من أهم وأكبر التلال الأثرية في المنطقة ويحتوى على تعاقب زمني على مدى ألفي عام منذ الألف الثالث ق.م وحتى العصر الحديدي في نهاية الألف الأول ق.م.
وعلى الساحل الشرقي لإمارة الشارقة واصلت البعثة اليابانية من جامعة “كانازاوا ” برئاسة الدكتور تاتسو ساساكي أعمال التنقيب في موقع يعود إلى الفترة الإسلامية في دبا الحصن وتم استظهار مزيد من الطبقات الأثرية واللقى المتنوعة ذات المنشأ الخارجي والتي تدل على ممارسة التجارة على نطاق واسع مع أقاليم العالم الخارجي.
كما استأنفت البعثة الألمانية الثانية من جامعة تيوبنجن برئاسة الدكتور كنوت بريتزك أعمال التنقيب في مواقع العصور الحجرية الممتدة على سفوح جبل الفاية ومنطقة سهيلة في القاطع الأوسط من إمارة الشارقة حيث تم العثور على مجموعة من الآلات والأدوات الحجرية المهمة تؤرخ لنصف مليون عام مضى وتضيف المكتشفات الأثرية الجديدة معلومات مهمة إلى سجل الآثار للعصور الحجرية في الإمارة فيما يخص التاريخ المبكر للجماعات البشرية وأسلافها في المنطقة .
وشاركت هيئة الشارقة للآثار في يوليو 2017 في ندوتين أقيمتا في جامعتي تينري في نارا وكانازاوا في اليابان وفي أعمال الدورة الـ 41 للجنة التراث العالمي التي انعقدت في مدينة ” كراكوف ” في بولندا .
وتناولت الندوة الأولى التي أقامتها الجمعية اليابانية لآثار غرب آسيا في دورتها الـ 22 مجموعة من البحوث العلمية في مجال الآثار لغرب آسيا شملت عددا من المواقع المهمة .
أما الندوة الثانية في جامعة كانازاوا فجاءت بعنوان ” الاجتماع الـ 24 للجمعية اليابانية للدراسات الهلنستية والإسلامية ” حيث قدمت هيئة الشارقة للآثار ممثلة في عيسى يوسف مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية ورقتي بحث عن الفترة الإسلامية والهلنستية.
وحملت الورقة الأولى عنوان ” تقييم قلعة فيلي في الإمارات ” وألقاها كل من البروفيسور تاتسو ساساكي وعيسى يوسف حيث تحدثا عن أهمية موقع قلعة فيلي في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة من خلال مجاميع الفخاريات المكتشفة التي تم العثور عليها بواسطة المسح ومدى أهمية الموقع الاستراتيجي على طريق حركة القوافل.
أما الورقة الثانية فجاءت بعنوان ” التنقيبات الأثرية في موقع مليحة الأثري ” وألقاها مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية في الهيئة.
واستعرض عيسى يوسف خلال مشاركته في اليابان أهمية موقع مليحة المميز من خلال المكتشفات الأثرية الفريدة والنادرة في شبه الجزيرة العربية ..
منوها بالأهمية التجارية لموقع مليحة في تلك الفترة التي تعود للحقبة الهلنستية ومدى سيطرة الموقع على طريق التجارة الداخلة إلى الجزيرة العربية من خلال انفراد الموقع بموقع استراتيجي مهم.
من جانب آخر مثل المهندس كاميار دار يوش كامياب مهندس الصيانة المعمارية بهيئة الشارقة للآثار في أعمال الدورة الحادية والأربعين للجنة التراث العالمي التي انعقدت في مدينة ” كراكوف ” في بولندا وتركزت على موضوعين هما ” دراسة حالة حفظ الممتلكات الثقافية ” التي سبق إدراجها في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر من قبل الدول المشاركة والثاني حول ” استعراض القوائم المؤقتة ” من قبل الدول المشاركة وفقا للمبادئ الوظيفية «التشغيلية» إضافة إلى العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بتنفيذ اتفاقية التراث العالمي .
ولفت التقرير إلى لقاء هيئة الشارقة للآثار مؤخرا سعادة الدكتور أندرياس ليبماه هولتمسان سفير جمهورية النمسا لدى الدولة وبحث سبل تأسيس شراكة وتعاون علمي في مجال التنقيب الأثري .
وعرض سعادة السفير إمكانية الاستفادة من خبرات النمسا فيما يتعلق باستخدام التنقيبات الحديثة المتعلقة بتحديد العمر الزمني للقطع الأثرية المكتشفة .
وأطلع الدكتور صباح جاسم مدير عام الهيئة الضيف على آخر نتائج المكتشفات الأثرية في إمارة الشارقة وما تحقق من منجزات كبيرة في تأسيس مراكز الآثار وتحويل المواقع الأثرية إلى متاحف مفتوحة ومراكز سياحية تستقطب اعدادا كبيرة من الزوار من مختلف أرجاء العالم واتفق الجانبان على مواصلة اللقاء والمشاورات والتعاون المشترك في حقل الآثار.
كما شاركت الهيئة في ندوة عالمية تحت عنوان “التراث الهش – مظاهر الزجاج ” عقدت بجامعة كامبردج بالمملكة المتحدة في سبتمبر 2017 وتركز محورها حول موضوع تقنية صناعة الزجاج القديم والمنتجات الزجاجية المكتشفة في المواقع الأثرية على نطلق العالم.
وقدم الدكتور صباح جاسم مدير عام الهيئة ورقة عمل حول الأواني والأوعية الزجاجية المكتشفة في مدينة دبا الحصن بإمارة الشارقة من قبل بعثة التنقيب الأثرية المحلية التابعة لهيئة الشارقة للآثار التي أظهرت نتيجة التحليل والدراسة أن معظم تلك القطع الزجاجية كان قد تم استيرادها من وادي الرافدين وأقاليم الامبراطورية الرومانية خلال القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي وأوضحت تلك المكتشفات أهمية موقع مدينة ” دبا ” بالشارقة كميناء استراتيجي ارتبط بعلاقات تجارية قوية مع أقطار العالم الخارجي عبر البحار ومن خلال تجارة القوافل مع المراكز الحضارية الواقعة إلى الشرق والغرب والشمال.
وبالإضافة إلى مجموعة الزجاجيات المستوردة فقد كشفت عمليات التنقيب عن وجود ورشة كبيرة لصناعة الزجاج المحلي أيضا وقد تم العثور على هذه المكتشفات في مستوطنة كبيرة تم تنقيب جزء صغير منها حتى الآن وفي قبر كبير مشيد تحت سطح الأرض احتوى على عدد من الهياكل العظمية البشرية برفقة هدايا جنائزية منوعة مثل الأوعية الزجاجية والأواني الفخارية من بينها جرار الأمفورا ومجموعة من الحلي والمجوهرات الثمينة.
وأشار التقرير الى افتتاح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في اكتوبر 2017 مبنى هيئة الشارقة للآثار في منطقة الآبار بمدينة الشارقة الذي يضم قاعة للمعارض احتوت على مجموعة من المقتنيات الأثرية المكتشفة في مدن ومناطق إمارة الشارقة الى جانب المختبرات ومخازن المعدات والآثار وغرف السجلات والوثائق والأجهزة والمعدات الحديثة المستخدمة في عمليات التنقيب وحفظ الآثار وآليات الحفظ المتبعة وفق أفضل المعايير العالمية.
كما شهد العام 2017 إنشاء وتشكيل اللجنة العليا لملف الشارقة ” بوابة الإمارات المتصالحة ” والذي يأتي انطلاقا من حرص سموه على توحيد الجهود لضمان الوصول إلى الغاية الأسمى بإضافة بعض مواقع إمارة الشارقة التراثية إلى قائمة التراث العالمي و مهمتها التنسيق المتواصل والفعال بين الجهات المختصة بحماية وترويج التراث الثقافي والمكتب الإداري لملف الشارقة ” بوابة الإمارات المتصالحة ” والعمل على حماية المواقع المرشحة لقائمة التراث العالمي أو تطويرها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها إضافة الى مراقبة حسن تنفيذ الجهات المختصة بحماية التراث الثقافي للتوصيات المعتمدة من اللجنة والمتوافقة مع معايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونيسكو ” والعمل على ترويج ملف الشارقة بوابة الإمارات المتصالحة بالتنسيق مع الجهات المعنية في الإمارة.
وفي نوفمبر 2017 شاركت هيئة الشارقة للآثار في مؤتمر جمعية الآثار البرتغالية الثاني في العاصمة البرتغالية لشبونة بحضور عيسى يوسف مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية هذه الفعالية.
وجاءت ورقة بعثة التنقيب الأثرية البرتغالية من جامعة نوفا دي لشبونة التي عملت في إمارة الشارقة بعنوان ” النتائج الأولية لبعثة الآثار البرتغالية العاملة في إمارة الشارقة – دولة الإمارات العربية المتحدة التنقيبات الأثرية في كلباء”.
واستعرض كل من البروفيسور ريو كاريتا والبروفيسور ماريو غوميز والبروفيسور روزا غوميز أهم نتائج التنقيب بجوار حصن كلباء وتضمنت الاكتشافات مجموعة من الجدران والكسر الفخارية التي تم تأريخها إلى القرن السابع عشر الميلادي وتم عرض مجموعة من مخططات القلعة البرتغالية في كلباء وربطها بتاريخ المنطقة واستعرض الفريق الأسلوب الذي اتبع في أعمال التنقيب في المنطقة حيث تم التنويه إلى أن التنقيبات ستستمر عدة مواسم.
كما شاركت الهيئة ممثلة في عيسى يوسف مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية بهيئة الشاقة للآثار في الحفريات الأثرية المقامة في دولة الكويت لاستكمال أعمال التنقيب الأثري في جزيرة فيلكا والذي بدأ العمل بها في العام الماضي 2016م مع الفريق الخليجي المشترك إلى جانب مشاركة المدير العام لهيئة الشارقة للآثار الدكتور صباح جاسم في أعمال ندوة عن حفظ وصيانة التراث العمراني العالمي الذي أقامته منظمة اليونسكو في مدية تورينو الإيطالية.
وأشاد الدكتور صباح جاسم مدير عام هيئة الشارقة للآثار بدعم صاحب السمو حاكم الشارقة لمواقع التراث الثقافي وتوفير الحماية القانونية ودعمه إنشاء المتاحف المميزة ومراكز الآثار الهامة ومنها مركز مليحة للآثار الذي افتتح عام 2016م.
وأوضح أن عمليات التنقيب الأثري التي جرت في أراضي إمارة الشارقة على مدى الـ 40 عاما الماضية وفرت دليلا واضحا على وجود غنى وتنوع حضاري كان حصيلة مجتمع امتلك مقومات النظام والقيادة والعقيدة الدينية خاصة في موقع مليحة ومنطقة وادي الحلو والمنطقة الشرقية في كل من كلباء وخورفكان ودبا الحصن والتي وثقت الصلات التجارية والحضارية بين هذه المنطقة وأقاليم الامبراطورية الرومانية والعالم الإسلامي.
وكان صاحب السمو حاكم الشارقة قد أصدر في يناير 2017 قانون تنظيم أهداف وصلاحيات واختصاصات هيئة الشارقة للآثار في البحث والتحري عن المواقع الأثرية المنتشرة في الإمارة وتثبيتها على الخريطة الأثرية والإشراف على جميع المواقع الأثرية وتوفير الحماية اللازمة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية و القيام بعمليات التنقيب عن الآثار وفق سياسة عامة محكمة ومدروسة وتنظيم أعمال بعثات التنقيب الأثري الأجنبية العاملة في الإمارة من خلال الإشراف والتنسيق والمشاركة معها إضافة الى دراسة وتحليل وترميم وصيانة المكتشفات الأثرية الثابتة والمنقولة و دراسة نتائج عمليات التنقيب الأثري وإعداد المقالات والبحوث الأثرية العلمية ونشرها في مختلف وسائل ووسائط النشر المتخصصة على المستويين المحلي والدولي.