تؤشر المطارات العملاقة الجديدة التي تبنى في دول عدّة من الشرق الأوسط، وتوقيع شركات طيران إقليمية طلبيات بعشرات مليارات الدولارات، إلى طموحات كبيرة للعقود المقبلة في منطقة هي أصلاً لاعب مهم في مجال النقل الجوي.
يعقد الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) جمعيته العامة لعام 2024 في دبي، بعد عامين من إقامتها في الدوحة، ما يؤكد المؤكد، وهو أن دول الخليج تحظى بموقع استراتيجي في هذا القطاع.
وبحسب التوقعات التي كشفها الاتحاد الدولي، الأحد، سيتضاعف عدد المسافرين جواً في الشرق الأوسط خلال الأعوام العشرين المقبلة، ليبلغ 530 مليون شخص في 2043، بزيادة سنوية قدرها 3,9%، بزيادة 0,1% عن المعدل المتوقع عالمياً.
على المستوى العالمي، ستكون آسيا قوة الدفع على صعيد نمو عدد المسافرين جواً. كما أن أكبر طلبيات الطائرات الجديدة التي تمّ إبرامها خلال الأعوام الأخيرة، تعود لشركات هندية وصينية.
ألا أن الشرق الأوسط، وشبه الجزيرة العربية على وجه الخصوص، ليس بعيداً عن هذا التوجه، خصوصاً مع طلبيات شراء عشرات الطائرات ذات المدى الطويل، لشركات الإمارات وفلاي دبي والاتحاد، إضافة الى شركات سعودية. وتستفيد هذه الناقلات من دعم حكومي تعززه القدرات المالية لدولها.
وقال ستان ديل في أواخر العام 2023 حينما كان لا يزال مسؤول قسم الطيران التجاري لدى الصانع الأميركي “بوينغ”، إن الخليج “منطقة فريدة من نوعها جغرافياً. عبر السفر لثماني ساعات (انطلاقاً منها)، يمكن الوصول الى 80 بالمئة من سكان الأرض”.
وأكدت نينا ليند المتخصصة في قطاع الطيران لدى شركة “ماكينزي” أن شركات النقل الجوي في المنطقة “هي في موضع جيد جداً لاستقطاب الحركة الملاحية الهندية… وثمة العديد من المسافرين الاندونيسيين” الذين يزورون المنطقة لأداء مناسك الحج في السعودية.
وأشارت الى أن المنطقة تشهد كذلك “نمواً اقتصادياً قوياً وزيادة سريعة في عدد السكان”.
مشاريعمعدّة بعناية
وأوضح جيفري وستون، المسؤول عن نشاطات الناقلات الجوية لدى شركة “باين أند كومباني”، أن طيران الإمارات والخطوط القطرية والشركات الإقليمية الأخرى “عززت بشكل إضافي صورتها منذ عقدين واقتربت من زبائنها الآسيويين والهنود”.
وأشار الى أن هذه الشركات “بدأت كذلك تولي اهتماماً بشرق إفريقيا وإفريقيا الجنوبية، وصولا الى غرب إفريقيا”.
وبحسب تقديرات إيرباص، يتوقع أن تزيد حركة النقل الجوي بين الشرق الأوسط وآسيا ثلاث مرات بحلول سنة 2042، و2.2 مرتين بين الشرق الأوسط وأوروبا.
وترغب السعودية في كسب حصة من هذه الزيادة، مع بدء شركة طيران الرياض عملها في 2025. وسبق للشركة الجديدة أن طلبت شراء 39 طائرة “يوينغ 787”.
وفي إطار سعيها للتحول وجهة سياحية، تأمل السعودية بدورها في التحول محورا للنقل الجوي في المنطقة من خلال استقبال 120 مليون مسافر بحلول 2030.
ويوازي ذلك سعة مطار دبي الدولي حالياً. إلا أن الإمارة كشفت في أبريل عن إنشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار آل مكتوم الدولي سيكون “الأكبر في العالم”، وتبلغ تكلفته أكثر من 34.8 مليار دولار.
وبحسب سلطات الإمارة، سيكون مطار آل مكتوم “الأكبر في العالم بطاقة استيعابية نهائية تصل إلى 260 مليون مسافر” سنوياً. وأكد أنه “سيكون خمسة أضعاف مطار دبي الدولي الحالي.. وسيتم نقل كافة عمليات مطار دبي الدولي له خلال السنوات القادمة”.
وعلى رغم هذه المشاريع والطلبيات الهائلة، يؤكد الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن دول المنطقة لن تعاني من طاقة استيعابية مفرطة.
وقال كامل العوضي، نائب رئيس الاتحاد لإفريقيا والشرق الأوسط: “لا أعتقد أننا سنرى طاقات مفرطة في هذه المنطقة خلال السنوات الأربعين المقبلة”، معتبراً أن مشاركة بناء أو توسعة المطارات “معدّة بعناية” بالتعاون مع الناقلات.
وتثير مساعي إنشاء محاور للنقل الجوي في المنطقة، منها أيضاً المطار العملاق في إسطنبول وهو مقر لشركة الخطوط الجوية التركية، قلق شركات النقل الجوي الأوروبية التقليدية.
وتخشى هذه الشركات أن تفقد بعضاً من حصتها في الأسواق خصوصاً الآسيوية منها.
واعتبر العوضي أن الشركات الخليجية أظهرت تفوقها بعد الجائحة “إذ تعافت على الفور، كما لو أن الأزمة لم تحصل، بينما انهارت المطارات الأميركية والأوروبية عندما توجّب عليها استقبال رحلتين!”.
وأشار إلى أن “الفارق هو في طريقة اتخاذ القرارات” في منطقة الخليج. نقلا عن العربية نت