لم يكن المشي غايتنا وهدفنا رغم أننا ممن يمارسه يومياً و من هواة رياضة الهايكنج و سبق أن شاركنا بهايكنج درب زبيدة و قطعنا أثنى عشر كلم و كتبنا عنه و كانت مبادرة منا و بدعم من القطاع الخاص و لكن هذا لم يرضي شي من طموحنا حول هذا الدرب للتعريف به للعالم عبر حدث رياضي بسيط،.
الدرب الذي أُسكت أو هو سكت مجباراً بعد أن كان شريان رئيسياً في جزيرة العرب منذ الجاهلية عندما كان يسمى “طريق الحيرة” و ربما قبل ذلك من عهد سيدنا إبراهيم عندم أمره الله سبحانه بقوله:( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الى ما يقرب المئتين سنة عندم تغيرت مساراته نتيجة لضروف سياسية و بعد ذلك التوقف التام نتيجة التطور في وسائل النقل.
هذا الدرب لأهميته كان يعتبر ما يبذل به صدقة جارية للمسلمين سابقاً، أما الأن فهو يعتبر ذا بعد حضاري و تاريخي و اقتصادي و ربما ديني كذلك، فكان لا بد من أن تنفجر فكرة “الدروب العتيقة” و تنطلق من “طريق الحج الكوفي”، لم تكن فكرتي و لكن نقل لي الصديق عمر الشلاقي قول تركي المحيفر غفر الله لهم ( الطريق لابد أن يمشى على الأقل الى محطة رئيسية).
لم تكن المحطة الرئيسية تبعد عن أختها الا بمتوسط خمسين كم و هذا المسافة قليلة جداً بالنسبة لمسافة الدرب البالغ الف و ثلاث مائة و خمسين كم تقريباً- لم اتجاوز ما نقله لي عمر و عمر دائماً ما يكون ذا عزيمة و مهتم بالتاريخ يتقد نشاطاً، و لم يكن تركي شخص عادي فهو باحث تاريخ و عالم بهذا الدرب و يتقد ذكاء و فطنة و لم أكن انا مرتباً في يوم من الأيام و لا أذكر أن وضعت فكرة على ورق و لكن هذه الفكرة توافقت مع أفكار و طموحات تتزاحم في راسي لذلك عقدت العزم و بعثت برسالة لتركي و عمر نصها فقط ” اريد المشي على درب زبيدة من فيد الى البعايث” .
كان أختياري لفيد كونها عاصمة الطريق و منتصف المسافة و البعايث أو الحاجر قديماً هي أخر محطة للطريق في منطقة حائل و اختياري لهذين الصديقين لأيماني التام بقدراتهم على تنفيذ البرنامج و تمكنهم العلمي من تحقيق الدرب علمياً و شغفهم بمثل هذه البرامج- كان رد تركي “أنا خويك” و عمر “متى؟” كانت ردودهم مبهجة و رد عمر أجبرني على التفكير في التفاصيل و طرق التنفيذ الذي تم بعد ذلك بأجتماع سريع و وضعنا التفاصيل بورقة واحدة فقط كانت مقنعة بالنسبة لمقام هيئة السياحة في حائل بتبني البرنامج و السماح بتنفيذه، أما الأهداف فكانت واضحة من البداية بالنسبة للجميع وهي لا بد من إحياء هذا الدرب و جميع دروب القوافل و الحجيج و لو بالأذهان و الأستفادة منها في جميع المجالات و أهمها السياحة الثقافية فهو جزء منا و لنعلم الاجيال بحضارتهم و تاريخيهم، و لنقول للعالم نحن أصحاب الحضارة، فقطعنا مسافة مائه و ثلاثين كم و البقية تأتي.