الرياض: سياح
تزخر المملكة بعدد كبير من المواقع السياحية الجميلة، إلا أن تشويه المواقع السياحية بالتوسع العمراني السكني أو تشويه المباني بما لا يتناسب مع البيئة السياحية يؤدي إلى حرمان السياح من التمتع بها.
ولمعالجة هذا التشويه بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشئون البلدية والقروية في تنفيذ مشاريع لمعالجة التشوه البصري في عدد من مناطق المملكة، حيث شملت مناطق المشروع كلا من الرياض وتبوك والمدينة المنورة وعسير وجازان والباحة، إضافة الى الطائف والأحساء.
ويمثل مشروع معالجة التشوه البصري أحد برامج الشراكة الفعالة بين الهيئة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في الأمانات والبلديات من خلال تنفيذ المشروع بكافة مراحله من إعداد الدراسات والمسوحات ووضع حلول تنفيذية للمعالجة تشمل كافة العناصر مثل معالجة المباني واللوحات الإعلانية والمحلات التجارية والأرصفة وأعمدة الإنارة وغيرها.
ويعرف التشوه البصري بأنه عناصر بصرية غير جذابة، تتعارض مع البيئة المحيطة للمنظر المراد مشاهدتها من مسكن- خدمات عامة- غيرها، وكأمثلة على ذلك المباني الغير مدروسة، والعمارة غير المنظمة، واختيار ألوان لمباني غير متناسبة مع المحيط الطبيعي، وبمعنى آخر هو تشويه لأي منظر تقع عليه عين الإنسان يحس عند النظر إليه بعدم ارتياح نفسي، ويمكننا وصفه أيضاً بأنه نوعاً من أنواع انعدام التذوق الفني، أو اختفاء الصورة الجمالية لكل شيء يحيط بنا من أبنية إلى طرقات أو أرصفة.
ويهدف مشروع معالجة التشوه البصري الى تطوير البيئة العمرانية والمعمارية للمدن في مناطق الجذب السياحي من خلال إزالة التشوهات البصرية في تحسين واجهات المباني والأرصفة والألوان واللوحات الدعائية الغير منظمة وتأثيث الأرصفة ومواد البناء المستخدمة.
وقد تم اطلاق المشروع بمبادرة من صاحب السمو الملكي رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حيث قامت الهيئة بالتعاون مع وزارة الشئون البلدية والقروية وأمانات المحافظات وبلديات المدن بإعداد دراسة أنظمة العمران في المناطق الجبلية بالمملكة العربية السعودية، والتي أحد أهم محاورها الحد من التشوه البصري في المناطق الجبلية، وتم إعداد الدراسة من خلال التعاقد مع أحد أهم المكاتب الاستشارية العالمية في هذا المجال، وخلصت الدراسة الى قائمة ألوان تتناسب مع المحيط وتساهم في تقليل التشوه البصري الحاصل نتيجة لاستخدام مواد بناء وألوان غير متجانسة مع الطبيعة المحيطة.
وقامت الهيئة بالتعاون مع أمانة محافظة الطائف وفندق قصر أبها بمنطقة عسير بتطبيق منهجية قائمة الالوان التي تتناسب مع البيئة الطبيعية لمواقع محددة هي منطقة وادي ذي غزال بمحافظة الطائف، وفندق قصر أبها بمنطقة عسير كنموذجين تطبيقين للدارسة، وبمشاركة فعالة من المجتمع المحلي.
وقد تم خلال الفترة الماضية إنجاز عدد من المشاريع والمهام ضمن مشروع معالجة التشوه البصري.
ففي منطقة المدينة المنورة تم التعاقد مع مكتب استشاري مختص للبدء في تنفيذ مشروع معالجة التشوه البصري.
وقامت الأمانة بإعداد كتيب يحتوي على مبادرة الأمانة لتطوير البيئة العمرانية والطابع البصري لكل من المدينة المنورة والعلا. التي ستساهم في تحسين البيئة العمرانية والبصرية في المدينتين.
كما قامت الأمانة بإطلاق برنامج (منزلك) والذي يهدف الى الارتقاء بمستوى التصاميم للمنازل وذلك عبر توفير نماذج مسبقة التصميم والاعتماد لمخططات المباني السكنية.
وفي محافظة بدر تم إطلاق فعالية وحملة عنوان (نظافة جداري عنوان حضارتي) تندرج تحت مشروع معالجة التشوه البصري ، حيث تشكل هذه الحملة نقطة الانطلاق الفعلي لمشروع معالجة التشوه البصري في محافظة بدر وتهدف إلى: رفع مستوى الوعي المحلي بأهمية معالجة التشوهات البصرية الموجودة بالمحافظة والتي تعاني منها المدينة وبالأخص )الكتابة على جدران المرافق العامة(. ومشاركة كافة الدوائر الحكومية والمجتمع المحلي في معالجة التشوهات والتعريف بمشروع التشوه البصري.
وفي محافظة ينبع تم تشكيل فريق عمل للمشروع مكون من الهيئة – البلدية – مكتب الهيئة بمحافظة ينبع.
وتم تسليم ملاك المباني المستهدفة التصور المطلوب لتطوير واجهات مبانيهم، بما يضمن إزالة التشوهات البصرية القائمة ولتتماشى مع البيئة المحيطة.
ويتم التنسيق لتوقيع اتفاقية تعاون بين مكتب الهيئة ومكتب استشاري معتمد يتكفل بمعالجة شارع الملك فيصل بمدينة ينبع بتغيير أرصفة الشوارع وأعمدة الإنارة ولوح الإعلانات والمحلات التجارية واعتباره كنموذج يطبق في باقي الأحياء السكنية والشوارع في ينبع.
كما يتم التنسيق حاليا مع البلدية بإلزام المدارس التعليمية والدوائر الحكومية بالبدء بمعالجة مبانيهم وتحسين واجهات حسب الهوية العمرانية لمدينة ينبع.
والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع وهي العمل على تغيير واجهات المباني والمحلات التجارية ومعالجتها من التشوهات البصرية بما يعكس الهوية المعمارية لمدينة ينبع.
وفي محافظة العلا وبتوجيه ودعم من سمو أمير المنطقة قامت بلدية العلا بإنجاز المرحلة الأولى من برنامج التحسين البصري للعلا، بتغيير لون الواجهات وإزالة أبراج الكهرباء وتحويلها إلى خطوط أرضية.
وجاري العمل في المرحلة الثانية من قبل البلدية والمتمثلة بتغيير مواد البناء الحالية في الواجهات المستهدفة إلى حجر طبيعي وفق ألوان محددة .
وتستعد بلدية العلا لإنجاز مشروع معالجة تشوه بصري جديد على محور رئيس )شارع الرزيقية( بطول 3 كيلومتر، وتحويل مسار طريق الرزيقية الحالي الى اتجاه واحد وإعادة رصف الطريق، وتكسية واجهات المباني بالحجر عد تحفيز البلدية لملاكها، وطلاء أسوار المباني والمزارع باللون البني الطيني ورصف وتهيئة طرق مشاه بالمسارات الرئيسية بحي الديرة الواقع بجوار البلدة التراثية. وتكسية واجهات السوق الشعبي بالحجر بعد تحفيز البلدية لمالك السوق.
أما في منطقة الباحة فيتم حاليا الاعداد بدراسة وضع قوانين واشتراطات ومعايير التطوير لمدينة الباحة، وكذلك كود للبناء الموحد. وتم عقد ورشة عمل تم فيها مناقشة تطورات ومستجدات المشروع بالمنطقة وتحفيز الاستشاري بأهمية المشروع لمدينة المباحة وجعلها مدينة سياحية متفردة بجمالها وضرورة الاستفادة من تجارب المناطق الأخرى.
وفي منطقة جازان ولما بها من أهمية سياحية كبوابة جنوبية فقد تم تضمين ملف التشوه البصري للمنطقة ضمن مشروع دراسة التنمية الشاملة لفرسان، والتي قامت به وزارة الشؤون البلدية والقروية بطرح كراسته واستدراج العروض له، كما تم عقد ورشة عمل موسعة في تمكين الأمانة والشركاء بتنفيذ المشروع واشراك المجتمع المحلي وتحفيزه في معالجة المنطقة من التشوهات البصرية الموجودة، وكان من أبرز توصياتها تشكيل فريق عمل لمعالجة التشوه البصري وقيام الهيئة بتقديم الدعم الفني للأمانة والبلديات لتنفيذ المشروع وقيام فريق العمل بتحديد المناطق التي سيتم اختيارها لتطبيق المشروع لتكون نموذجا يطبق في باقي أجزاء المحافظات مستقبلا والبدء بشارع الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمدينة جازان كنموذج لمشروع معالجة التشوه البصري بالمنطقة وإشراك وتحفيز المجتمع المحلي والجهات الحكومية وملاك المباني والمستثمرين على الطرق المستهدفة للمعالجة في المشروع لضمان تبنيهم له بالإضافة الى تحديد المهام والأعمال المحددة لمعالجة التشوه البصري والرفع لسمو أمير المنطقة لاعتمادها وإشراك بعض الجهات الحكومية كوزارة الأوقاف وشركة الكهرباء بالمساهمة والبدء بمعالجة التشوه بمدينة جازان.
وفي منطقة تبوك تتم معالجة التشوه البصري في المنطقة من خلال مشاريع تطوير أواسط المدن، مشاريع تطوير مداخل القرى ، مشاريع معالجة المناطق العشوائية.
وفي محافظة تيماء تم تحديد المواد المستخدمة في إعادة تهيئة وتأهيل المنطقة التاريخية ومعالجة التشوه البصري بحيث تم إعداد قائمة بالمواد التي ستستخدم وطريقة استخدامها وألوانها وكذلك النمط المعماري السائد في المنطقة التاريخية. واستخدام للحجر والطين في البناء وتأكيد على العناصر المعمارية للمباني القديمة.
وتم التعامل مع المباني والعناصر المعمارية في المنطقة. وقد شملت الدراسات على جميع العناصر ومنها: التعامل مع أعمدة الانارة. والرصف وممرات المشاة. واللوح الارشادية والتعريفية والتحذيرية. والتعامل مع ألوان المباني والابواب والشبابيك. وللحجر والطين في البناء وتأكيد على العناصر المعمارية للمباني القديمة.
وفي منطقة عسير تكفلت الأمانة بتبني المشروع ويقوم مكتب استشاري بإعداد تصور شامل. أما في محافظة الاحساء تقوم الهيئة بالتعاون مع فريق مشكل من أمانة المحافظة على دراسة ومراجعة المخططات المقدمة لمعالجة التشوه البصري التي يقدمها الاستشاري لتحسين ومعالجة الوضع القائم واعتمادها.
وقامت الهيئة بإعداد تقرير يتضمن كافة الملاحظات المطلوب تعديلها في موقع جبل قارة لمعالجة التشوه البصري وتم اعداد خطة عمل من الهيئة خاصة لمشروع معالجة التشوه البصري بجبل القارة والتمشي بموجبها وارسالها للأمانة للبدء في التنفيذ والتنسيق مع مستثمر المشروع لمعالجتها.
وتم تحديد مربع في وسط الهفوف التاريخي كمرحله أولى لمشروع معالجة التشوهات البصرية. ويتم التنسيق لمخاطبة الدوائر والمباني الحكومية المعنية وذات الصلة بالمواقع التي تحتاج للمعالجات البصرية.
وفي محافظة الطائف وبمبادرة من سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تم إنشاء صندوق لمعالجة التشوه البصري في الهدا والشفا واستكمال المرحلة الثانية من الدراسة بعد إنشاء صندوق معالجة التشوه البصري بالتعاون مع أمانة محافظة الطائف.
وتقوم الأمانة بإجراء المرحلة الثالثة وهي تحديد ألية لتنفيذ المشروع وتم تسليم ملاك المباني المستهدفة في الهدا والشفا تصاميم تطوير واجهات مبانيهم عد انتهائه بما يضمن إزالة التشوهات البصرية القائمة ولتتماشى مع البيئة المحيطة. والاعتماد على استخدامات الاشجار والزورعات المحلية.والاهتمام بتنسيق وتجميل مواقع التنزه وتوفير الاحتجاجات للمتنزهين. وتجميل وتحسين أداء الخدمات العامة غرض جذب السائحين. وإزالة التشوهات من خلال إزالة التشوهات البصرية القائمة بألوان واجهات المباني وتطبيق حلول قصيرة المدى لتجانس ألوان المباني وانسجامها مع البيئة الجبلية المحيطة.
وفي منطقة الرياض تم تشكيل فريق عمل بين فرع الهيئة والهيئة العليا لتطوير الرياض بخصوص البدء بمعالجة التشوهات البصرية في وادي حنيفة. حيث تم تصميم وتنفيذ الاسوار في وادي حنيفة لتكون منسجمة مع بيئة الوادي ومع أنماط البناء التقليدي للمنطقة. والاستفادة من العمارة النجدية المحلية في تنفيذ الوادي. وتنفيذ الاسوار شكل متدرج والحفاظ على المظهر العام لوادي حنيفة. تنفيذ طلاء الاسوار الخارجية بالون الطي و ذات الملمس الخشن. وإلزام أصحاب المزارع بارتفاع السور المحيا بالوادي ان لا يزيد على 3م والتقليل من فروق الارتفاعات بين الاسوار للملكيات المجاورة. ويتم تصميم الاسوار والاساسات وفق التصميم الانشائية المعتمدة.
وكان الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني قد أكد في كلمته في ملتقى العمران السياحي في المناطق الجبلية الذي أقيم مؤخرا في أبها ان المواطن هو الخاسر الأول من تدمير النسيج العمراني وتشوه البيئة الطبيعية في المناطق الجبلية.
ونوه سموه أهمية العمل المشترك من مواطنين وأجهزة حكومية ومطورين لمواجهة التدمير الذي يتواصل في المناطق الجبلية، مشيرا إلى أن ذلك التدمير سيكون خسارة فادحة للمواطنين في مواقعهم قبل الدولة وخسارة اقتصادية فادحة للسياحة الوطنية كونها أحد أهم المكونات الاقتصادية لمستقبل اقتصادنا وفرص العمل الناتجة عنه.
ولفت سموه إلى أنه لا مجال للفصل بين عمران المكان والاقتصاد أو السياحة المحترمة، والسائح المتكرر هو أهم عنصر في الاقتصاد السياحي، وتكرار التجربة، ورفع مستوى النوعية الاقتصادية للسياح لا يحدث إلا أن تكون تجربتهم الأولى ناجحة وممتعة وفيها ارتباط بالمكان وطبيعته الغير مشوهة وأهله وتراثه.
وأضاف سموه: كل ما سافرت عبر المناطق الجبلية لبلادنا، كلما استشعرت تسارع انحسار البيئة الطبيعية وتزايد التشويه البصري.