صفاقس :حازم حسين
من بين المداخل المتشعبة والملتوية للمنطقة التاريخية بصفاقس والابواب العتيقة كانت بوابة الجبلي احد ابواب المدينة القديمة والتي قادتنا لفندق الحدادين ،اخذنا الفضول ونحن نتجول داخله لاكتشاف ذلك المكان والتعرف عليه واذا به دار للمثقفين ومدرسة لفنون التصوير والرسم والمعرفة بعد ان كان فندقا للقوافل وسوقا للحدادين .
فندق الحدادين والذي يقع داخل المدينة العتيقة بالمجال الاقتصادي، على مقربة من باب الجبلي، أحد بابي المدينة التاريخيين والذي يفتح جوفا على الأرباض والضواحي ثم الظهير، وتنطلق منه جل الطرقات الجادة التي تؤدي إلى باقي مدن البلاد شرقا وشمالا وغربا وجنوبا.
التقينا جيهان منشط فندق الحدادين والتي اخذتنا في جولة ثقافية عن فندق الحدادين وقالت ان تأسيس الفندق يعود إلى العصر الوسيط حسب المؤرخين، وقد يكون معاصرا لبناء أسوار المدينة وجامعها الكبير (القرن 3/9)، وهو يمثل الشاهد الوحيد على المنشآت المرتبطة بتجارة القوافل بصفاقس، إذ أثبتت الوثائق التاريخية أنه اشتغل بوصفه خانا إلى حدود الثلث الأول من القرن العشرين حيث قامت بلدية صفاقس بتحويله إلى سوق للحدادين. يتكون مدخل هذا المعلم من باب خشبي كبير ذي مصراعين، الأيمن منهما يتضمن خوخة، ومن سقيفة طويلة وشاسعة، مجهزة بدكّات جانبية مبنية، ويعلوها برج دفاعي، كما ينطلق منها مدرج ضيق يؤدي إلى الطابق العلوي.
تفضي السقيفة إلى فناء سماوي يتوزع حوله طابقان من الفراغات والغرف ويحيط به في المستوى السفلي رواق دائري، سقفه يستند على عقود حدوية، فقراتها من حجر الحث، وهي محمولة بدورها على أعمدة حجرية من الكذال. حسب ما يبدو، كان الطابق السفلي يحتوي على مخازن للسلع والبضائع، فيما خصص الطابق العلوي لإقامة المسافرين من تجار وجمّالة وحجيج وغيرهم. في الجانب الشرقي من الفناء، يوجد ممر يؤدي إلى فناء أصغر يسمى فنيدقة، ربما كان هو الذي يأوي الدواب.
في بدايات القرن العشرين، لما انحسرت تجارة القوافل جراء تطور وسائل النقل وازدهار التجارة البحرية والجوية، انتفت الحاجة إلى مثل هذه المنشئات، فاحتلت فندق مدينة صفاقس طائفة الحدادين بعدما كان الحرفيون من ذوي الاختصاص منتصبين بالنهج المجاور الذي يحمل اسمهم إلى الآن، إلى أن تم بقرار من البلدية المالكة له ترحيل الحدادين والحرف المشابهة إلى مناطق معدة خصيصا لاحتضان المهن الصغرى.
في حقيقة الأمر، جدد هذا المعلم في القرن الثامن عشر، ورمم في مناسبات عدة، وخاصة في ثمانينات القرن الماضي ثم في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، بعد إخلائه من أشغال الحدادة التي أضرت به أيما إضرار. اليوم، تحول فندق الحدادين إلى فضاء ثقافي، يحتضن تظاهرات ثقافية مختلفة كعروض الموسيقى التقليدية والندوات، وخاصة منها تلك المتعلقة بتاريخ المدينة وعمرانها، وكذا المعارض ذات الصلة، وربما سيحتضن مركزا حيا لإحياء التراث الحرفي بالجهة.
وتمضي جيهان في الحديث عن تاريخ الفندق وتحوله لدار للثقافة وقالت انه في العام 2006 اصبح فضاء ثقافي كملتقى للمثقفين وقسم لعدة نوادي قارة نادي مسرح ونادي للسينما ونادي رسم للأطفال ونادي براعة لليافعين ونادي الصور الفوتغرافية ومهرجان المدينة في رمضان كما ننظم معارض الصناعة التقليدية في شهر ابريل وهو شهر التراث .
ويقام به مهرجان القصة المصورة كما تقام بعض الدورات العالمية هنا ، وعن الانشطة الثقافية تقام في نهاية الاسبوع في السبت والاحد باعتبارها يوم الراحة وفي الاكثر في نهاية شهر اكتوبر ونوفمبر.