الرياض:سياح
أوضح الدكتور أحمد يحيى راشد، أستاذ العمارة بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية في مصر، مدير مركز فاروق الباز للاستدامة ودراسات المستقبل، أن البحار وسيلة تواصل حضاري عريقة بين مختلف شعوب الأرض، لافتاً إلى دورها في التلاقح الثقافي عبر الحقب المختلفة.
وقال: إذا كانت الأقمار الصناعية وتقنية الاتصالات الحديثة تمثل آلية التواصل والتطور العلمي والعملي لاستثمار الحاضر واستشراف المستقبل، فإن البحار ظلت ومنذ قرون ممتدة (ومازالت ) تمثل وسيلة التواصل بين البيئات والحضارات الإنسانية كافة، داعياً إلى تضافر جهود دول وشعوب حوض البحر الأحمر في تنمية تراثه العمراني وتطويره واستثماره في مجالات الحياة المختلفة، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
جاء ذلك في المحاضرة الشهرية التي نظمها مركز التراث العمراني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالتعاون مع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، والجمعية السعودية لعلوم العمران، ومؤسسة التراث الخيرية، وشعبة التراث العمراني في الهيئة السعودية للمهندسين، وكرسي الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني، الأربعاء الماضي 9/8/1439 الموافق 25/4/2018م، بمقر الجمعية السعودية للمحافظة على التراث بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
وتناول الدكتور أحمد يحيى راشد في محاضرته التي جاءت بعنوان”التكامل في تنمية التراث العمراني حول البحر الأحمر” عدداً من المحاور المتعلقة بتنمية الإرث الحضاري في البحر الأحمر، مشيراً إلى عراقة هذه المنطقة وأهميتها التاريخية والجغرافية وثرائها بالموارد البشرية والتراثية والطبيعة، مما يؤهلها لريادة المستقبل في المجالات كافة، لافتاً إلى الأصول التراثية والواقع العملي في تطوير إرث هذه المنطقة، وأستعرض عدد من المناطق التاريخية في حوض البحر الأحمر مثل القصير في جمهورية مصر العربية، وينبع في المملكة العربية السعودية، وعدد من المواقع العريقة مثل جدة التاريخية ومدائن صالح وغيرها، مشيراً إلى أنه قد زار في أبريل الجاري مدينة ينبع التاريخية وقام بتوثيق وتسجيل بعض المشاهد التي تعكس ثرائها الحضاري وعراقتها.
وتطرق المحاضِر إلى علم التراث ومفهومه بشقيه (المادي والمعنوي ) متناولاً مبادئ وآليات استدامة التراث التي تمكن من استمراريته لتطلع عليه الأجيال المتلاحقة جيلاً بعد جيل، وقال إن هناك عدداً من محاور استدامة التراث تشكل المحور الاقتصادي، والمحور الاجتماعي، والمحور البيئي، والمحور الإداري والتنظيمي، والمحور التقني، ومحور البحث العلمي والتدريب.
ولفت دكتور أحمد راشد إلى ضرورة تكامل دور المؤسسات الحكومية مع القطاع الخاص، والمجتمع المحلي، في الحفاظ على التراث العمراني، وتأصيل مفاهيمه وتطوير الأنظمة والإجراءات لزيادة فرص الاستثمار في مشاريع التراث العمراني.
متحدثاً عن شمولية النظرة وتطابق أهداف رؤية جمهورية مصر العربية ، 2030 مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في النهوض بالموروث الحضاري واستثماره بوصفه رافعاً مهماً في دعم اقتصادات البلدان وتنميتها.
وطرح فكرة مسابقة دولية لتحفيز المبدعين في مجال التراث وتشجيعهم على بذل الطاقات ومضاعفة الجهود للارتقاء بالموروث الحضاري وتطويره، وقال إن المسابقة لم تكن هدف في حد ذاتها ولكنها خطوة أولى لإيجاد حوار حر بين الأجيال، يهدف إلى الخروج بمنهج جديد في الطرح والتناول والحلول وكتابة التاريخ لمستقبل زاهر، يكون فيه البحث العلمي أساس للإبداع والتواصل الحضاري.
كما دعا الحضور إلى المشاركة فيما أسماه بـ ” المؤتمر الرابع للاستدامة ودراسات المستقبل 2020″ والذي سيتم تنظيمه تحت عنوان: تعافي الحضارة… فرص.. تحدي… تغيير..
مشيراً إلى النسيج المعماري وجذور التراث المشتركة بين مناطق حوض البحر الأحمر، وقدم عدداً من الاقتراحات والتوصيات التي تؤسس للشراكة وتدعم جهود التكامل في النهوض بالتراث العمراني عبر الحدود.
كما استعرض دكتور احمد يحيى راشد جهود مركز فاروق للاستدامة ودراسات المستقبل وقدم نبذة تعريفية عنه شملت أنشطة المركز في البحث العملي والتعليم والتدريب ومبادراته وخططه المختلفة.
وشهدت المحاضرة مشاركة مقدرة لمختصين وخبراء في التراث الحضاري قدموا خلالها سلسلة من المداخلات والاستفسارات التي أجاب عليها المحاضر بالتفصيل مما أسهم في انجاح المحاضرة وتحقيق أهدافها.
ومن جانبه شكر الدكتور محسن بن فرحان القرني، مستشار مركز التراث العمراني بالهيئة، والمدير التنفيذي لبرنامج العناية بالمساجد التاريخية، الدكتور أحمد يحيى راشد على جهوده في تقديم المحاضرة وما تضمنته من محاور قيمة، معدداً مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في إحياء التراث وتطويره، لا سيما جهودها في إحياء تراث موانئ حوض البحر الأحمر وتطويرها واستثمارها، مؤكدا على الشراكة للمهتمين بقضايا التراث في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، الأمر الذي يسهم في تكامل الجهود وتوظيف الطاقات للارتقاء بتراث حوض البحر الأحمر.
يشار إلى أن هذه المحاضرة تأتي ضمن خطة مركز التراث العمراني بالهيئة الرامية إلى التعريف بالتراث العمراني ونشر ثقافة أهميته وتوظيفه، وذلك عبر عدة برامج ومبادرات، من بينها تنظيم سلسلة من الندوات و المحاضرات التي درج المركز على إقامتها شهرياً بمشاركة مسؤولين وخبراء ومختصين في التراث الحضاري عموما والتراث العمراني بشكل خاص.