ساوباولو : وام
استعرضت ندوة “عام زايد” التي استضافها جناح الشارقة المشارك في معرض ساو باولو الدولي للكتاب، الذي يحتفي بالإمارة ضيف شرف دورته الـ 25، جوانب من شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أمام جمهور الثقافة البرازيلية واللاتينية، كما تناولت تجربته التاريخية، ومآثره السياسية وحنكته في بناء مشروع الدولة الحضاري.
وقدّم الباحثان الدكتور حمد بن صراي، أستاذ التاريخ في جامعة الإمارات، وسعيد حمدان، مدير إدارة برامج المكتبة الوطنية في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، خلال الندوة التي أدارها الكاتب والإعلامي خالد بن ققة، قراءة في جهود المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في بناء الدولة، وتكريس قيمها الحضارية، وأسس بنائها ونهضتها، حيث تناولا الحديث عن الجهود الكبيرة التي بذلها – رحمه الله – في تأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي وضعها في مصافِ الدول المتقدمة في شتى المجالات.
وأكد الباحث بن صراي في مداخلة تناولت القيم الأخلاقية التي أرساها المغفور له، أن الشيخ زايد يعد أحد النماذج العربية الإسلامية المعاصرة الفريدة التي تركت آثاراً إيجابية متنوعة على كافة الأصعدة، وتشكلت ملامح سماته الأخلاقية في انتظامها في عقد واحد، والتزامها في مبادئ سامية، وقدرتها على الاستمرارية، لافتاً إلى أن السمات الأخلاقية للشيخ زايد ظلت سامية، وأصيلة، وثابته، وعميقة، وغير متكلفة.
وأوضح أن الشيخ زايد نجح في تقديم منظومته الأخلاقية المتكاملة إلى مختلف أجيال المجتمع الإماراتي، وربطها في التنشئة والتربية، حيث ظل هو القدوة في كل ما يدعو له من أخلاق، وعمل على غرسها في الأجيال الجديدة، وحقق فيها صلة واضحة بين التراث الإماراتي والعربي الإسلامي.
وتوقف بن صراي عند شواهد وأقوال تكشف صورة الهوية الأخلاقية للمغفور له الشيخ زايد، حيث أشار إلى مقولته ” إنني أفضل التعب والمشقة مكتفياً بساعات قليلة للراحة في مقابل أن تتم إنجازات الدولة على الوجه الأكمل والصورة المثلى” منطلقاً فيها من الرؤية المركزية التي أسس لها الشيخ زايد في بناء الدولة.
واستعرض بن صراي قيّم العطاء والخير التي تجسدت في شخصية الشيخ زايد، حيث عرض صوراً ووثائق لجهوده الإنسانية، منها موقفه من القضية الفلسطينية، ومبادراته في رعاية المرضى والمحتاجين العرب والأجانب، مشيراً إلى روح التفاؤل في المنظومة الأخلاقية للشيخ زايد، باستشهاده بمقولته: “أعطني زراعة أعطك حضارة”.
بدوره استهل سعيد حمدان مداخلته باستعادة خطاب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدى اختياره شخصية العام في جائزة الشيخ زايد للكتاب، حيث قال: “كان خطاب حاكم الشارقة جوهرياً حول الشيخ زايد، إذ توجه إلى المجتمع الإماراتي بالسؤال: كلنا نحب زايد، لكن علينا أن نسأل ماذا قدمناه له؟ إن الشيخ زايد كان يريد العمل والريادة والتمييز والعطاء بكل أشكاله”.
وأنطلق حمدان في ذلك من حديثه عن اختيار الشارقة ضيف شرف الدورة 25 من معرض ساو باولو للكتاب مؤكداً أن هذا الاختيار هو نتاج أكثر من نصف قرن من العمل المتواصل، آمن خلاله صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بالتنمية الثقافية، ونجح في تقديم الثقافة الإماراتية وما يقدمه مبدعوها إلى العالم بأسره.
وأكد حمدان أن حضور الشيخ زايد في الذاكرة الإماراتية شكّل واحداً من محاور الاشتغال الفكري والإبداعي لدى الكتّاب والمثقفين الإماراتيين والعرب، إذ تشهد المكتبة العربية على أكثر من 150 كتاباً حول الشيخ زايد، منها ما يتناول مآثره الإنسانية، وسيرته، وتجربته النهضوية، إضافة إلى الدواوين الشعرية التي كتبت في مدحه واستذكار مواقفه النبيلة.
من جهة اخرى القى كل من الشاعرين الإماراتيين، الدكتور حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وطلال سالم، في امسية شعرية جمعت ضيوف الجناح من المثقفين والكتاب العرب والبرازيليين وأدارتها الشاعرة والإعلامية شيخة المطيري، مختارات من تجربتهما الشعرية، تنوعت في المضامين، والبناء، واللغة.
كما يروى العازف والملحن الإماراتي طارش الهاشمي حكاية التراث الإماراتي الموسيقي على جمهور الفن والثقافة اللاتينية، حيث يقدم في البرازيل عدداً من الأغاني والمقطوعات الموسيقية ضمن فعاليات اختيار الشارقة ضيف شرف الدورة الـ 25من معرض ساو باولو الدولي للكتاب.
من جهة ثانية وفى نسج فنيّ متقن لحكايات التراث الأصيلة للموروث الشعبي الإماراتي، يشارك “مجلس إرثي للحرف المعاصرة”، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، في معرض ساو باولو الدولي للكتاب حيث يستعرض “إرثي”، بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، مجموعة من الإبداعات الحرفية، التي تسلط الضوء على القيمة التراثية التي يتمتع بها المجتمع الإماراتي، بما ينسجم مع مساعي المجلس لإحياء الحرف التقليدية وتطويرها وضمان استمراريتها لدى الأجيال الجديدة من خلال العمل مع المنظمات الشريكة لدعم الحرفيات، والارتقاء بهن، وتمكينهن من تطوير منتجاتهن من خلال برامج مبتكرة، لتوفير مصدر دخل مستدام، وتعزيز قدرتهن على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.