نصل إلى مرحلة الزهد في الحوار بسبب طريقة المحاورة والنقاش التي يعتمدها البعض (الكثير) ، فهناك قناعات ثابتة في عقولهم ، يتحدثون منطلقين منها ويقيسون بها كل مايصل إلى أذهانهم من مواضيع ، والشعور بإن الحوار يجب أن يكون هجوميًا كي يبدو مقنعًا .
والهم الوحيد للمحاور هو الانتصار ، وهذا مايدفعهم لعدم المنطقية ، فيبدأ بتوجيه الاتهامات وتأويل عبارات المحاور الآخر ، كي يثبت عليه مايجعله في نظر الرأي العام مذنبًا فيبدأ بتقريعه وسرد الأحاديث والآيات التي تدينه ، بناءًا على مايثبته عليه من صفات ليست موجودة فيه .
مادمنا نتحاور بهذا الشكل فإن الصمت وبقاء الحقائق مخفية سيستمر ، والخطأ سيبقى كما هو ، والأضرار المترتبة على الخطأ غير المعروف ،ستستمر وتستفحل .
ماتحتاج إليه مجتمعاتنا هو تطوير ثقافة الحوار ، وإعطاء دورات مكثفة ومجانية في أدب وفن الحوار ، فهذا الموضوع غير المطروق هو أهم ركيزة لإحداث التغيير في كل الممارسات الخاطئة ، وكل المصائب المترتبة على ذلك .
ولو كان مجتمعنا المسلم يتبع ماجاء في القرآن والسنة من توجيهات في هذا الجانب ، مثل :
(أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) و(لو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) و( جادلهم بالتي هي أحسن)
وكل الأحاديث الشريفة التي تحث على أدب الحوار ، لو كنا نتبع ديننا الحنيف كما ينبغي ، لصلح حالنا ، ولما حدثت كل هذه الشقاقات والمشاكل الاجتماعية التي تسببت في مشاكل سياسية وحتى كونية .
ليلى الأحمدي
شاعرة وفنانة تشكيلية
نائبة رئيس رواق المدينة للمثقفات والاديبات
مدير تحرير مجلة سياح الالكترونية