ملأ الدنيا شعرًا ، وأشعل قلوبنا حبًا ، وازدانت الأغنيات بحروفه العذبة .
وحين يغيب بدر السماء تدب فينا الوحشة ، أما حين يغيب بدر الشعر فستسكننا هذه الوحشة دهرًا ، وهكذا فعل غياب البدر اليوم .
في هذا اليوم انطفأ قنديلٌ كان مسرجًا في ذاكرتنا منذ فجر الصبا ، لم يدر في بالنا أن رياح الحياة تستطيع العبث به لتطفئه يومًا ، وبقي متوهجًا حتى جاء هذا اليوم الذي أفقنا فيه على ظلامٍ لف الكون وتساءلنا قبل أن يأتينا هذا الخبر فيخيم الحزن علينا ، ونعلم بأن بدرنا انطفأ ، وتعترينا لوعة الفراق ، وكما قضى حياته في خيمة الشعر حالمًا مسالمًا ، رحل بسلام ، واستُل من أشعاره ولوحاته (كالمقلة استُلّت من الأشفار) .
أواه أيها البدر لقد تغير وجه الحياة اليوم ، إذ خلت منك ، لانستطيع نسيان صدى صوتك وأنت تلقي على أسماعنا جمرة غضى ، وأنت (تبي سفر لليل ) ، لن ننسى بأن الشمس علمتك بأن ترضى بالرحيل ، ولم نستطع أن نتعلم هذا الرضى منك،
وسأجيب على سؤالك :
(هي درت حايل وهذيك الهضاب
عن غيابك هو درى الروض المسيل؟)
نعم لقد “درت ” كلنا “درينا ” عن غيابك واصطبغ يومنا بالسواد ، كيف نستطيع أن نطرب لقصائدك وقد باتت تنكأ حرح غيابك ، هل سنغني معها بلا دموع؟
هل ستبعث فينا الفرح والشوق والعتاب ؟
وصورك التي ازدانت بها ذاكرتنا وكلما بحثنا عن شعرٍ أطلت علينا باسمة ، هل سنراها فنبتسم ؟ أم أن الدمع سيعيق رؤيتنا لها ؟.
ترجل البدر وأخبرنا بذلك حين قال
: (أقضبي لجام مهرة الشعر .
با ترجل قبل اطيح .) نعم لقد ترجل قبل أن يسقط ، فالفرسان لايسقطون .
الرحمة لروحك التي حلقت في سماء المعاني والمشاعر ، وابتعدت اليوم لتحلق في سماوات البياض ، يابدر الشعر والأغنيات ، نودعك اليوم ونحن نردد:
(يا عسى البدر نوره ما يغيب عن حبيبٍ بقي منه الكلام)، ولقد بقي منك في قلوبنا كل ما سكبته فيها من جمال .
2024/05/04 12:11 م
الكاتبة ليلى الأحمدي : في رحيل البدر (كانت الساعة عمر
اقبلوا منا العذر
لكل شي آخر) .
Permanent link to this article: https://soyaah.com/30316/